ولكن جهود الشعبويين لم تنجح في نهاية الأمر، فهم من ناحية تعرضوا للمطاردة والاعتقال والمحاكمات السياسية من قبَل السلطات. ومن ناحية أخرى، لم تتجاوب معهم جماهير الفلاحين التي وجدت أفكار المثقفين القادمين من المدن غريبة عليهم، كما كان افتقار الشعبويين إلى الدين من دواعي نفور الشعب الروسي المتدين منهم، والذي قام أفراده أنفسهم بتسليمهم إلى أيدي السلطات.
وتُعَدُّ سيرة حياة أكسيلرود وتأرجُحه بين الحلول الشعبوية والثورية من جهة والحل الصهيوني من جهة أخرى نمطاً متكرراً بين كثير من المثقفين الروس اليهود الثوريين. وأكسيلرود هو أحد مؤسسي الحزب الاشتراكي الروسي، وُلد في إقليم شيرنيجون وعاش طفولته في فقر شديد. وقد بدأ أكسيلرود نشاطه الثوري عام ١٨٧٢ حينما كان طالباً في كييف، وانضم للحركة الشعبوية الروسية. ولكنه اضطر تحت وطأة الاضطهاد القيصري إلى الفرار عام ١٨٧٤ إلى الخارج حيث عاش لفترة في برلين درس خلالها الحركة الاشتراكية الألمانية، ثم استقر في جنيف حيث واصل نشاطه الثوري. وكان على اتصال وثيق بمنظمة «الأرض والحرية» وقام بتحرير جريدتها. وقد تكونت هذه المنظمة السرية عام ١٨٧٦ كرد فعل للمطاردة الحكومية.
وعلى صعيد العمل السياسي، اختلف الشعبويون فيما بينهم، إذ اجتمعت آراء الجناح المعتدل على أهمية العمل التنويري والدعائي بين جماهير الفلاحين من أجل تقويض النظام القيصري وفرض نظام ديموقراطي. ولكنهم اختلفوا حول كيفية تنفيذ ذلك المخطط، فآمن الفوضوي باكونين بأنه يكفي تحريض الشعب على الثورة دون أن تسبق ذلك مرحلة تعليم للشعب، وأن قوة الانتفاضات الفلاحية ستنتج عنها تحولات سياسية. أما لافروف، فكان يرى ضرورة تنوير الشعب وتعليم جماهير الفلاحين أولاً على أن تَعقُب ذلك الإصلاحات السياسية والثورة.