٣ ـ كان اليهود أقلية مُضطهَدة محرومة من حقوقها المدنية. ولذا، نجد أن المثقفين اليهود الذين كان من الممكن في ظروف عادية أن يتحولوا إلى مهنيين عاديين (وهو الأمر الذي حدث فيما بعد) وقد انخرطوا، بدلاً من ذلك، في صفوف القواعد الثورية، كما يحدث في كثير من الحركات الثورية في العالم، حيث نجد أن أعضاء الأقليات المضطهدة يشكلون نسبة عالية فيها.
واستفادت الصهيونية من ظاهرة انخراط أعضاء الجماعات اليهودية بشكل ملحوظ في الحركات الثورية ووظفته لصالحها، إذ أن أحد الموضوعات الأساسية التي كان يطرحها تيودور هرتزل في كتاباته، وأثناء مفاوضاته، أن الحل الصهيوني هو الطريقة الوحيدة لتحويل الشباب اليهودي عن الثورة. وقد تم تطوير الصيغة الصهيونية العمالية كمحاولة لاستيعاب الديباجة الثورية الاشتراكية داخل الصهيونية. ومن الأسباب التي أدَّت إلى صدور وعد بلفور، محاولة تجنيد الكتلة اليهودية الضخمة في شرق أوربا ضد الثورة البلشفية.