ولا شك في أن عدد أعضاء الجماعة اليهودية المشتركين في الثورة البلشفية والمناصرين لها كان أكبر من نسبتهم إلى عدد السكان. كما أن الجماعة اليهودية استفادت ولا شك من الثورة، ولكن هذا أمر مُتوقَّع من أقلية عانى أعضاؤها من الحكم القيصري في الوقت الذي كانوا يتمتعون فيه بمستوى تعليمي عال.
ولا شك في أن الميراث اليهودي للبلاشفة اليهود قد ترك أثراً في فكرهم وسلوكهم. ولعل تطرُّف تروتسكي كان نتيجةً لهذا الميراث. ولكن تفسير موقفهم بأكمله على أساس من انتمائهم اليهودي أمر غير ممكن، إذ ظل اشتراكهم في الثورة أو انخراطهم في صفوفها خاضعاً لآليات وحركيات المجتمع الروسي إبان الثورة. ومن ثم، فإن مصطلح «الثورة اليهودية» ليست له قيمة تفسيرية عالية، فهو قد يفسر بعض التفاصيل ولكنه يعجز عن تفسيرها جميعاً بكل تركيبيتها.
كما أن مصطلحاً مثل مصطلح «الثورة اليهودية» له مضمون عنصري، إذ يفترض أن اليهودي يظل يهودياً مهما غيَّر آراءه ومهما اتخذ من مواقف، فثمة حتمية ما تفرض نفسها عليه، أي أنه مصطلح ينكر عليه حرية الاختيار. ومن ثم، فهو أيضاً مصطلح صهيوني، فالصهاينة يفترضون أيضاً وجود هوية يهودية ثابتة، لا تتحوَّل ولا تتغيَّر بتغيُّر الزمان والمكان.
وقد عاد مصطلح «الثورة اليهودية» إلى الظهور، إذ بدأ أعداء الشيوعية في الاتحاد السوفيتي يلقون باللوم على اليهود وعلى الثورة اليهودية (أي البلشفية) التي ألحقت الكوارث بمجتمعهم، وأوصلته إلى ما وصل إليه من تفكُّك ودمار.