ولكن التركيب الجيولوجي التراكمي يتسم بأنه يتكون من طبقات جامدة مستقلة تراكمت الواحدة فوق الأخرى ولم تُلغ أية طبقة جديدة ما قبلها. وقد تتشابه هذه الطبقات وقد تختلف وقد تتفق أو تتناقض، غير أن السمة الأساسية لها هي أنها تتجاور وتتزامن وتتواجد مع بعضها ولكنها لا تتمازج ولا تتفاعل ولا تُلغي الواحدة الأخرى. ويمكن تشبيه التركيب الجيولوجي التراكمي بالجبل الذي قد تكون داخله طبقة جيولوجية من الحجر الجيري وأخرى من الحجر الرملي وثالثة من الفوسفات ورابعة من الذهب، لكل طبقة طبيعتها المستقلة وبنيتها المادية وتاريخها الذي يزداد طولاً وقصراً حسب الطبقة، ولا ينتظم كل الطبقات سوى وحدة شكلية خارجية، أي وجودها كجزء من هذا الجبل. وبالطبع، يمكن الاستمرار في التشبيه لنقول إن بعض هذه الطبقات توجد في الجبل عن طريق الصدفة، وأنها ممتدة في باطن الأرض قبل الجبل مستمرة بعده في الوادي المجاور، وأن وجودها في الجبل حدث مصادفة.
وإذا كانت الصورتان المجازيتان الآلية والعضوية صورتين مجازيتين واحديتين تؤكدان أشكالاً مختلفة من الوحدة والتماسك، فإن استعارة التركيب الجيولوجي التراكمي تشير إلى عدم التماسك وعدم وجود وحدة من أي نوع، فكل طبقة جيولوجية هي بنية مستقلة. والنموذج الجيولوجي لا يتسم بالتعددية كما قد يبدو لأول وهلة، فالتعددية تفترض قدراً من الوحدة المبدئية، حيث لا تنوع دون قدر من الوحدة ولا بنية إن غابت المعايير المركزية والسمات الأساسية، والتركيب الجيولوجي يفتقر إلى مثل هذه الوحدة.