للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الوضع يُفسِّر ظاهرة الرأسمالية المنبوذة التي تحدث عنها ماكس فيبر، وهي النشاط الرأسمالي في المجتمع الإقطاعي، الذي ليس له علاقة كبيرة بالرأسمالية الرشيدة (أي الرأسمالية الحديثة) . وينتج عن ميراث اليهود الاقتصادي في العالم الغربي أنهم كثيراً ما يكونون عرضة للتأميم والتصفية، وربما يصلح تركُّزهم في صناعة النسيج والملابس مثلاً على ذلك. فقد قامت كوبا بتأميم هذه الصناعات، الأمر الذي نتج عنه تصفية الأساس الاقتصادي للوجود اليهودي في كوبا، فهاجروا منها. ويمكن القول بأن تركُّز بعض أعضاء الجماعات اليهودية في تجارة الرقيق الأبيض ـ قوادين وبغايا ـ هو نتيجة ميراثهم كجماعة وظيفية وسيطة. فالجماعة الوظيفية الوسيطة عادةً ما تتحرك بسرعة لسد حاجة نشأت في المجتمع. ويبدو أنه، في أواخر القرن التاسع عشر، نشأت في العالم الغربي حاجة للخدمات الجنسية خارج مؤسسة الزواج بسبب ضعف الأسرة وتصاعُد معدلات العلمنة.

وفي المجتمعات الاستيطانية مثل أمريكا اللاتينية كان الأمر أكثر حدة حيث كان عدد الإناث أقل بكثير من عدد الذكور. وتزامن ذلك مع ضعف التجارة اليهودية الصغيرة ودور اليهود كباعة متجولين. ومن ثم، تحولت أعداد كبيرة من اليهود إلى التجارة الجديدة. ومما يجدر ذكره أن ميراث المهاجرين اليهود الاقتصادي، شأنه شأن الميراث اللغوي والثقافي والديني، يؤثر بشكل واضح في الجيل الأول ثم يفقد فعاليته بالتدريج إلى أن يفقدها كلها تقريباً بعد جيلين أو ثلاثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>