للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وربما كان اليهود الأمريكيون محقين في جهلهم بموسى بن ميمون، فهذا المفكر جزء من التشكيل الثقافي العربي، وهو ليس ذا أهمية ثقافية عالمية. أما إسهامه في صياغة الأطروحات الأساسية أو أصول الدين اليهودي، فهو أمر لا يعنيهم لأنهم علمانيون كبقية المجتمع الأمريكي وأغلبيتهم العظمى لا أدرية. وإن كانت لدى أحد منهم بقايا انتماء ديني، فهي تأخذ شكل صياغة مخفَّفة للغاية، مثل اليهودية الإصلاحية، ولا يشغل هذا الانتماء سوى حيِّز صغير من وجدانه. ويمكننا أن نقول إن اليهودي الأمريكي، رغم كل الادعاءات الصهيونية، أمريكي عادي غارق حتى أذنيه في الثقافة الأمريكية بكل محاسنها ومساوئها. وهو حينما يدافع عن إسرائيل، فإنه لا يختلف كثيراً عن أي مواطن أمريكي آخر إلا في نبرته العالية. فإسرائيل هي الحليف الإستراتيجي لبلده. وكما قال القاضي الأمريكي والزعيم الصهيوني برانديز، فإن صهيونية اليهودي الأمريكي تنبع من أمريكيته. ولذا، فإننا نجد أن هذا اليهودي الأمريكي لا يمانع في حمل لواء الثقافة اليهودية الوهمية التي لا يعرف عنها شيئاً. وهو يفعل ذلك لأن الأمر لا يكلفه شيئاً، ولا يتناقض البتة مع ولاءاته القومية الأمريكية الحقة.

يهود الصدفة

Chance Jews

«يهود الصدفة» مُصطلَح يشير إلى عباقرة اليهود الذين أسهموا في الحضارة الإنسانية دون أن تكون هويتهم اليهودية هي العنصر الأساسي في إسهاماتهم. وكما يقول الكاتب العربي الفلسطيني محمد رمضان، فإن كل من يقرأ لأينشتاين أو فرويد أو هايني أو إسبينوزا، أو يستمع إلى مندلسون أو روبنشتاين بل حتى إلى ألفيس بريسلي (المغني الأمريكي) ، لا يخطر له قط أنهم يهود لأن تأثير اليهودية في كتاباتهم وإبداعاتهم معدوم تماماً. فهم لا يستعملون المُصطلَحات العبرية إن عرفوها ولا يستخدمون ما يُسمَّى «الصور اليهودية» ، فلكلورية كانت أو دينية، أي أنهم غرباء عما يُسمَّى «الثقافة اليهودية» .

<<  <  ج: ص:  >  >>