ومع هذا، لابد من الإشارة إلى أن أعضاء الجماعات اليهودية، شأنهم شأن الأقليات والجماعات الدينية والإثنية الأخرى قبل العصر الحديث، لهم بعض الثياب المميَّزة المرتبطة بشعائر دينهم وأعيادهم ومناسباتهم التي لا يشاركون فيها أعضاء الأغلبية. فعلى سبيل المثال، يرتدي أعضاء الجماعة اليهودية من المتدينين (أي غالبية اليهود الساحقة حتى أواخر القرن الثامن عشر، وأقلية صغيرة للغاية في العصر الحديث) شال الصلاة (طاليت) وهم في طريقهم إلى المعبد يوم السبت، ويرتدي بعضهم شال صلاة صغيراً تحت ملابسه طيلة الوقت، وإن كانت أغلبية يهود العالم هجرت هذه الممارسات الدينية. وحيث إن قوانين المجتمعات التقليدية كانت مبنية على الفصل الحاد بين الطبقات والجماعات، فإن الأزياء كانت تُستخدَم وسيلةً لتدعيم هذا الفصل، فلا يرتدي الفرسان زي الفلاحين، ولا يرتدي هؤلاء زي التجار، وهكذا. ولأن أعضاء الجماعة اليهودية كانوا يتركزون عادةً في مهنة واحدة مثل التجارة، فإنهم كانوا يرتدون زي أهل هذه المهنة حينما يتطلب الأمر اشتغالهم بها. كما أن انتماء الفرد في تلك المجتمعات إلى إحدى الأقليات، خصوصاً إذا كانت الأقلية من الجماعات الوظيفية الوسيطة، كانت تصحبه مجموعة من المزايا والأعباء كما كان الحال في العصور الوسطى في الغرب، إذ كان لابد له من ارتداء شارة تميِّزه عن الآخرين. ومن هنا، وُجدت شارة اليهود المميَّزة التي كانت تُعَدُّ ميزة يحصلون عليها ويسعون من أجلها، فهي تَكفُل لهم الحماية وتضمن لهم الإعفاء من جمارك المرور على سبيل المثال. ولكن أحياناً كان يُفرَض على اليهود في العالم الغربي، وعلى غيرهم من أعضاء الأقليات، زي محدَّد لضمان الأمن الداخلي أو كمحاولة للحد من نشاطهم وتضييق الخناق عليهم، خصوصاً حينما يصبح المجتمع بلا حاجة إليهم. ولكنه، في جميع الحالات، لم يكن هناك زي واحد يُفرَض على اليهود في كل زمان ومكان، بل كانت هناك أزياء