ولكن أبطال العهد القديم يصبحون، في هذا العمل الفني، مثل الأبطال الوثنيين. ولذا، نجد أن التركيز يتجه نحو ملامحهم الجسدية. فصورة إبراهيم وإسحق تشبه صور أو تماثيل زيوس وأوربا مثلاً، ولا تعطي أي إحساس بالرهبة الدينية. والكتوباه خليط من فن الباروك والروكوكو. ويجب أن نذكِّر القارئ هنا بأن اليهودية تُحرِّم التصوير أساساً، فما بالك بتصوير أبي الأنبياء والأمم بهذه الطريقة (لفظة إبراهيم تعني في العبرية «أبو الأمم» ) ؟ ولعل أهمية هذه اللوحة بالنسبة لنا أنها تعطينا صورة عن كيفية إنتاج الفن الذي يُقال له «يهودي» من خلال اللغة الفنية والحضارية السائدة. فقد قام فنان مسيحي إيطالي في عصر النهضة الذي سادته الاتجاهات الوثنية بتزيين معبد يهودي، ثم تأثر حرفي يهودي بزخارفه فنقلها إلى الكتوباه. ويُلاحَظ أيضاً أن الحرفي أضاف زخارف أخرى قام الفنان الإيطالي نفسه بإبداعها لعمل فن مسيحي. وهكذا، لا يبقى سوى الكتابة العبرية في هذه الكتوباه. ولا ندري، هل كانت كتابة الخط شكلاً فنياً قائماً بين يهود إيطاليا، كما كان الحال ومازال عند العرب المسلمين، وعند كل المسلمين الذين يستخدمون الحرف العربي؟ في غالب الأمر سنجد أن الخط لم يكن مما يُعَدُّ من الفنون الجميلة في أوربا آنذاك.