ومن أشهر اللوحات التي وُصفت بأنها «يهودية» ، اللوحة المسماة «عودة المتطوع اليهودي من حروب التحرير إلى أسرته التي لا تزال تعيش حسب التقاليد القديمة» للفنان موريتز دانيال أوبنهايم (١٨٠٠ ـ ١٨٨٢) ، وهي تنتمي إلى الأسلوبين الرومانتيكي والواقعي في القرن التاسع عشر. فأسلوب اللوحة رومانتيكي من حيث تأكيده العواطف والبُعد المثالي للمنظر، ولكنه واقعي من حيث اهتمامه المفرط بالتفاصيل. واللوحة تُعبِّر عن هذه النقطة التي بدأت فيها اليهودية التقليدية (الأرثوذكسية) تتفكَّك، وتحل محلها الصيغ اليهودية الجديدة المُخفَّفة، والتي لا يعترف بها الأرثوذكس، وهو ما أدَّى إلى طرح مشكلة من هو اليهودي؟ فالأسرة لا تزال أرثوذكسية، تقيم شعائر السبت كما هو واضح من الكأس والخبز على المائدة، والأب يقرأ من كتاب هو في الغالب كتاب أدعية وصلوات. ولكن الأسرة، مع هذا، بدأت تفقد شيئاً من أرثوذكسيتها، ويدل على ذلك وجود صورة في المنزل. ووصول الابن في ذلك اليوم يعني أنه سمح لنفسه بالسفر في يوم السبت، وهو الأمر الذي تُحرِّمه الشريعة اليهودية. ومن الواضح أن هؤلاء اليهود بدأوا يفقدون هويتهم الإثنية الدينية ويتحولون إلى مواطنين ألمان، ومن هنا فخرهم بقوميتهم. وربما كان وجه الأب الذي ينظر بشغف وزهو وحيرة إلى صدر ابنه هو رمز هذه اللحظة، فالأب ينظر إلى الصليب الحديدي، وهو رمز مسيحي قومي. وموضوع «رحيل المتطوعين» موضوع أساسي في الفن الرومانتيكي في القرن التاسع عشر، وإن كان أوبنهايمر جعله «عودة» المتطوع، ربما متأثراً بلوحة «عودة الأبناء» للفنان الألماني فيليب أوتو رانج.