للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقف فن موديلياني على الطرف النقيض من حياته، فقد كان فناً خصباً (٢٠ تمثالاً ـ ٥٠٠ لوحة ـ آلاف اللوحات بالألوان المائية) ، يتسم بالحسيَّة يسري فيها حزن هادئ وقَدْر من الصفاء. ويتضح هذا أكثر ما يتضح في صور الأشخاص (البورتريهات) التي رسمها. وفي البورتريه النماذجي عند موديلياني، يظهر رأس الشخص أمام خلفية غير محدَّدة، مائلاً قليلاً وفي حالة إعياء كامل وعزلة عما حوله وإحساس بالغربة، وأيدي الشخصيات، إن ظهرت، تكون متدلية منهكة. أما العيون، فهي عيون شاخصة لا ترى شيئاً وتُعبِّر عن فتور الهمة. وتتسم صور النساء عنده بأنها تشبه النبات الطويل الرأسي، والرقبة طويلة أسطوانية تربط الرأس بالجسد الذي يتسم بأكتاف عريضة.

ورغم تحرُّك موديلياني في أوساط رواد الحداثة الفنية، إلا أنه لم يتأثر بها كثيراً، وإن كان قد تأثَّر بمدرسة ما بعد الانطباعية (سيزان ـ جوجان ـ تولوز لوتراك) . كما تأثَّر بفن عصر النهضة في الغرب، بخاصة البساطة الكلاسيكية للشكل. ومن المصادر الأخرى لفن موديلياني الفنون غير الغربية مثل النحت الإفريقي. ويظهر هذا في الوجوه المستطيلة لدى بعض نسائه التي تشبه الأقنعة البولينيزية أو الإفريقية. ولكن بعض النقاد يرون أن مثل هذه التشوهات مشتقة من التماثيل القوطية في العصور الوسطى المسيحية.

ولا يوجد أي أثر ليهودية موديلياني في فنه مع أنه كان دائماً معتزاً بإثنيته. وقد حاول بعض النقاد تفسير إحساسه العميق والمأساوي بالغربة على أساس يهوديته. ولكن هذا الإحساس بالغربة هو سمة عامة في الفن الحداثي ولا يوجد فارق في ذلك بين الفنانين اليهود والفنانين غير اليهود. ومصادر لغته الفنية إما مسيحية أو إفريقية أو بولينيزية.

مارك شاجال (١٨٨٧-١٩٨٥)

Marc Chagall

<<  <  ج: ص:  >  >>