للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلاقة شاجال باليهودية مُركَّبة إلى أقصى حد، فهو لم ينكر قط أهمية خلفيته اليديشية، ولكنه صرَّح أكثر من مرة بأنه ليس فناناً يهودياً، وإنما فنان يرسم لكل البشر. ولذا، فقد عارض شاجال محاولة بعض الفنانين اليهود المهاجرين (من روسيا إلى باريس) تأسيس مدرسة فنية يهودية. وعادةً ما كانت تصريحاته هذه تُقابَل باستهجان شديد من النقاد الفنيين اليهود. ولحسم القضية، يمكن العودة لأعمال شاجال ذاتها. فالمؤثرات الفنية في رسمه غربية، ولا يمكن فهمها إلا في إطار التطورات الفنية في العالم الغربي. بل نجد أنه، حتى على مستوى الموضوعات، يستخدم موضوعات وصوراً مسيحية، خصوصاً واقعة الصلب. ولعله، في هذا، تأثَّر بعمق بالمسيحية الأرثوذكسية التي تؤكد واقعة الصلب على حساب واقعة القيام، كما أنه يستخدم الصور المسيحية للتعبير عن الموضوعات اليهودية. فالمسيح المصلوب يصبح هو اليهودي المعذَّب. ولعل هذا يلقي ضوءاً على طريقة تناوله ليهوديته أو للموضوع اليهودي، فهو تناول لا يستبعد الأغيار، ولا يَسقُط في ثنائيات التفكير الحلولي الحادة، بل هو تناول يحوِّل اليهودي إلى نموذج إنساني يستطيع أي فرد أن يتعاطف معه لا أن يقف ضده. ولوحاته عن الزواج والحب تعبِّر عن احتفائه الشديد بهذه المواضيع الإنسانية. وقد أشار أحد النقاد إلى أن رسومات شاجال تشبه من بعض الوجوه الرسومات التركية أو الفارسية، وهو ما قد يشي بالأصول التركية (الخزرية) لفنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>