ويظهر عدم التجانس في الجزء الخاص بصور المعابد اليهودية. فمعبد التنيوشول في براغ، أقدم معبد يهودي في أوربا، هو مَثَل طيب للمعمار القوطي في القرن الثالث عشر والرابع عشر (والفن القوطي فن مسيحي حتى النخاع) ، ثم يليه معبد مدينة كايفنج الصينية الذي لا يختلف عن المعابد الكونفوشيوسية، وبجوارهما معبد ديورا إيوربوس الهيليني، ومعبد فاس الإسلامي الطراز، ومعبد كوشين الهندي المبني على الطراز الهندي، وهكذا. وعلى أية حال، ورغم التصنيف حسب الموضوع، وهو تصنيف بنيوي يُلغي الزمان ويبعد المكان، فإن المكان والزمان يؤكدان نفسيهما.
والكتاب الذي نُشرت فيه صور المعرض يُسمَّى - كما أسلفنا - قصة الدياسبورا، والدياسبورا تفترض أن ثمة قسراً وارغاماً، ولكن مما له دلالة أن الاسم الرسمي للمتحف هو «بيت هاتسوفوت» ، وكلمة «تسوفوت» كلمة عبرية تعني «الهجرة الإرادية والطواعية» أي «الدياسبورا الاختيارية» ، بمعنى أن هؤلاء المشتتين لا ينوون العودة لأرض الميعاد، وأن حالة انتشارهم حالة نهائية، إذ اختاروها بمحض إرادتهم، وكل هذا يضمر رفضاً للرؤية الصهيونية التي ترى أن الدياسبورا حالة قسرية ومؤقتة، وأن اليهودي إن تُرك وشأنه فإنه لابد أن يعود إلى وطنه القومي. والاختلاف هنا يُبيِّن مدى عمق الصراع بين يهود العالم والصهيونية
. فالصهيونية ترى أن حياتهم خارج فلسطين ليست ذات قيمة وأنها مؤقتة، بينما هم يصرون على أن لحياتهم قيمة كبرى وأنها تستحق الحفاظ عليها، وقد تكون إسرائيل مركز حياتهم، الحقيقي أو المزعوم، لكن المركز لا يُلغي الأطراف. وعلى هذا، فهي دياسبورا مؤقتة من وجهة نظر الصهاينة، وهي تسوفوت دائم من وجهة نظر يهود العالم.