واشتغال عضو الجماعة اليهودية المهاجر بالكوميديا يحقِّق له نوعاً من القبول الاجتماعي، إذ أن الآخر سيقبله باعتباره مسخرة المجموعة والتي لا غنى عنها. وهو بسخريته من الذات اليهودية، يمارس إحساساً يمارسه أعضاء الأغلبية، ومن ثم فهو يحقِّق نوعاً من الاندماج فيهم بسخريته هذه. كما أن القيام بهذا الدور يحقِّق للمؤدي الإحساس بالابتعاد عن الذات التي يتعمد السخرية منها وإنكارها. ولنا أن نلاحظ أن عضو الجماعة اليهودية في أدائه الكوميدي كان يسخر من الصفات التي يخلعها المجتمع المضيف على اليهود مثل البخل والدناءة والقذارة، وهي ليست بالصفات الخطيرة التي تؤدي إلى لفظهم أو رفضهم تماماً، وإنما هي صفات هزلية تسمح لهم بدخول المجتمع باعتبارهم المرغوب/المرفوض.
كانت المسرحيات الموسيقية التي شارك فيها اليهود، كبرلين وجرشويين وآخرين، تتكلم (في الأساس) عن الزنوج كما في «بورجي وبس» و «سفينة الاستعراض» وغيرهما. والزنوج هم الجماعة الوظيفية التي تتعرض لأكثر أنواع الاضطهاد والتمييز لأنها أكثر الجماعات الوظيفية تميُّزاً، فاللون والمظهر الجسماني هو ما يميِّزها. وبالتالي، تتيح تلك المسرحيات لليهود ميزة الإحساس بالتميُّز والاندماج والانتماء للجماعة النخبوية في إطار المجتمع الهرمي، كما تتيح لهم (وهو الأهم) استخدام آلية الإزاحة أو نقل المشاكل التي تعاني منها الأنا وإسقاطها على الآخر، وبالتالي تيسير عملية قبول الأنا داخل مجتمع «الآخرين» .