للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشخصيات الثلاث تتكامل فيما بينها لتقدم صورة ما يمكن تسميته «الفشل المضحك» ، تلك الصورة التي تمثل أحد آليات النجاح التجاري السينمائي إبّان فترة الكساد العظيم في الثلاثينيات والتي تفسر هذا النجاح المنقطع الذي أحرزه الإخوة ماركس عند ظهورهم. إذ قدموا التوليفة السحرية التي يحتاج إليها الناس للعودة إلى التوازن، فالفشل يصيب الجميع ولا داعي إذن للحزن واليأس، فها هو الموهوب الذكي أبله وخائب، وها هو رجل الأعمال زير النساء فاشل ومحبط، أما المهاجر فيمكن أن يجد في موروثه الثقافي ذخيرة لتسلُّق السلم في مجتمع البحث عن الثروة وتحقيق الحلم الأمريكي.

وإذا كانت الكوميديا وسيلة لاسترجاع الثقة بالنفس للمُحبَطين والفاشلين، فقد كانت أيضاً وسيلة الجيل الأول من الفنانين من أبناء المهاجرين من يهود اليديشية لدخول المجتمع المضيف، عن طريق أداء دور المهرج والبهلوان الذي يسخر من نفسه ليُضحك الآخرين في الوقت الذي يضحك هو عليهم فيه ويأخذ أموالهم. وتمثل آلية تحطيم اللغة وسيلة سحرية لتحقيق هذا الهدف فهي تكشف كم الزيف الذي تحمله الحياة الاجتماعية، ولكنها في الوقت نفسه الوسيلة الممكنة لتحقيق الذات في هذه الحياة المزيفة. وهذه الآلية تمثل أيضاً الموروث الثقافي للمهاجر الذي يجيد لغته الأصلية (اليديشية) ويتملك ناصية لغة الوطن الجديد ويظل مع هذا خارجها، فهي لغة برانية (الإنجليزية) . فثمة لغة جوانية تموت ولغة برانية تُكتَسب من خلال التقليد الجيد، ويقف المهاجر في منطقة رمادية، ولذا فهو يملك مقدرة فائقة على تحوير اللغة الجديدة البرانية بحيث تصبح وسيلة لتحقيق الذات وكشف الآخر، أو تحقيق الذات عن طريق كشف الآخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>