للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتميَّزت أفلامه الكوميدية بمسحة إنسانية عميقة وإحساس عال بمتاعب الإنسان في المجتمع الرأسمالي بدءاً من أفلامه الأولى مثل «الصعلوك» و «الشارع السهل» و «الشقاء والمهاجر» و «حياة كلب» وغيرها، مروراً بفيلم «البحث عن الذهب» (١٩٢٥) و «السيرك» (١٩٢٨) و «أضواء المدينة» (١٩٣١) و «الأزمنة الحديثة» (١٩٣٦) ، وانتهاءً بفيلمه «ملك في نيويورك» (١٩٥٧) الذي مُنع من العرض في الولايات المتحدة.

ويعتبر البعض أن فيلمه «الديكتاتور العظيم» (١٩٤٠) دعاية يهودية حيث لعب فيه دور الحلاق اليهودي المضطهَد كما لعب دور هينكل الديكتاتور المجنون، وكان أول فيلم يسخر صراحة من ألمانيا الهتلرية في الوقت الذي لم تكن الولايات المتحدة قد حددت بعد مع مَنْ ستدخل الحرب!

وكانت شخصية الصعلوك الذي يواجه السلطة بكل أشكالها بدءاً من صاحب العمل والملاحظ، مروراً بالشرطي، وانتهاءً بالسياسيين المرتشين ورجال الأعمال الفاسدين، تعبيراً عن رفض البنية الاجتماعية الهرمية ورغبة في الارتباط بالإنسان الضعيف المسحوق. وامتازت الشخصية التي قدمها بالبساطة والتلقائية الأمر الذي قربها كثيراً إلى الجماهير في أنحاء العالم كافة حتى أصبحنا نجد «تشابلن» في كل مكان. وحتى صارت الشخصية في ذاتها رمزاً مرتبطاً بكوميديا الحركة والمواقف الساخرة.

وأدَّت آراء تشابلن الجذرية ورؤيته الإنسانية الرافضة للبناء الاجتماعي الاستهلاكي إلى وضعه في القائمة السوداء واتهامه بالشيوعية، حتى أنه هاجر من الولايات المتحدة في الفترة التي سادت فيها المكارثية ولجنة مكافحة الشيوعية. وقد اعتبر هذا من علامات يهودية تشابلن حيث إن معظم الفنانين الذين اُضطهدوا في هذه الفترة كانوا من اليهود. ومرةً أخرى، لم يحاول البعض أن يربط بين آرائه الثورية الرافضة للنموذج الاستهلاكي العلماني وبين رفض البنية الهرمية له، بل اتجهوا للحل الاختزالي الأسهل وهو تفسير موقفه على أساس يهوديته.

<<  <  ج: ص:  >  >>