للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورغم أن بروست كان كاثوليكي النشأة فرنسي الثقافة لا يرتبط عقائدياً أو وجدانياً باليهودية، فإن كثيراً من الأدبيات والمراجع اليهودية تُصنِّفه باعتباره يهودياً، بل حاول البعض التلميح بوجود مسحة من اليهودية التلمودية في أسلوبه الروائي الغريب الذي هو في الواقع أسلوب ينتمي إلى التراث الأدبي الفرنسي. بل ويشيرون إلى تأثره البالغ بقضية دريفوس والتي تناولها في بعض رواياته، وأنه كان أول من أقنع أناتول فرانس بالتدخل في هذه القضية. ومن ناحية أخرى، فإن تناول بروست للشخصية اليهودية في روايته البحث عن الزمن المفقود دفعت البعض لوصفه بمعاداة اليهود. فروايته تضم ثلاث شخصيات يهودية رئيسية، إحداها شخصية عدوانية متفردة تُجسِّد أسوأ الصفات الاجتماعية، أما الشخصية الثانية، فقد تناولها بروست بشكل أفضل وهي ليهودي مندمج يعيش في الأوساط الراقية ويكتشف هويته عقب حادثة دريفوس وينفصل عن حياة البرجوازية. وقد اعتبر البعض أن هذه الشخصية تجسيد لبروست نفسه. وتتميَّز شخصياته اليهودية بالتَكبُّر الشديد ولكنه تكبُّر يخفي وراءه شعوراً عميقاً بعدم الأمان، فاليهود في نظر بروست أقلية مضطهدة يتملكها جنون الإحساس بالاضطهاد والارتياب الشديد في الآخرين، وهم «جنس ملعون» أشبه بالشواذ جنسياً، على حد قوله. وهذا الربط بين اليهود واللبيدو أو الطاقة الجنسية أو الانحراف أو قوى الظلام هو موقف متجذِّر في الحضارة الغربية يعود إلى الرؤية المسيحية للكون، حيث يلعب اليهودي دور قاتل الرب وحيث لا يمكن خلاص العالم بدون تنصيره.

فرانز كافكا (١٨٨٣-١٩٢٤ (

Franz Kafka

<<  <  ج: ص:  >  >>