للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ ـ يمكن القول بأن الشعائر اليهودية المركبة التي لا يستطيع الكثيرون من غير اليهود فهمها تُعَدُّ من أهم العناصر التي ساهمت في إشاعة النماذج الاختزالية في دراسة الظواهر اليهودية. فحينما لا يفهم الإنسان شيئاً فإنه كثيراً ما يلجأ إلى تفسيرات اختزالية (تآمرية أو صهيونية) تريحه من عناء التفكير.

٣ ـ ساهمت النزعة الانعزالية في الدين اليهودي، والتصورات الدينية اليهودية الخاصة بالشعب المختار والمركزية الكونية والتاريخية التي يضفيها اليهود على أنفسهم في تعميق شكوك غير اليهود فيهم. ومع هذا، يجب التنبه إلى أن ثمة نزعة توحيدية قوية في العقيدة اليهودية رغم هيمنة النزعة الحلولية الواحدية (ابتداءً من القرن السادس عشر على وجه الخصوص) .

٤ ـ يُلاحَظ أن اليهود يلعبون دوراً مركزياً في الدراما التاريخية المسيحية (نزول المسيح ـ صلبه على يد اليهود ـ هداية اليهود تمهيداً للعصر المشيحاني ... إلخ) . وقد ارتبطت فكرة الخروج في الوجدان الغربي باليهود، فهم دائماً في حالة خروج (ودخول) من فلسطين (أرض كنعان) إلى مصر، ثم من مصر إلي فلسطين، ثم من فلسطين إلى بابل، ومن بابل إلى فلسطين، ومن فلسطين إلى أرض الشتات، وهكذا. وساهم كل هذا في تحويل اليهود إلى مقولة غير زمانية وفي اختزالهم إلى بُعد واحد.

ومع أن اليهود لم يلعبوا دوراً متميِّزاً مماثلاً في الإسلام، فقد كانوا أهل كتاب وذوته، إلا أنه من خلال تفسير حرفي يطابق بشكل هندسي بين ما جاء في القرآن ووقائع التاريخ المتناثرة، تم الربط بين ما جاء في القرآن والسنة عن اليهود وبين يهود العالم في العصر الحديث. ومن ثم، تَحوَّل اليهود إلى مقولة ثابتة غير زمانية، وتم اختزالهم مرة أخرى إلى بُعد واحد رغم المفاهيم الإسلامية الحاكمة الخاصة بالفطرة والتدافع وقبول الآخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>