بعد عام ١٨٨١ وما صاحبه من أحداث في روسيا، صدرت قوانين مايو التي أدَّت إلى تعثُّر التحديث في روسيا، وبدأت تظهر بوادر ظاهرة جديدة حلت محل التنوير، وهي ظاهرة الصهيونية التي اتسم بها أدب النصف الأول من القرن العشرين. ففي ذلك الوقت، ظهر جيل من الشبان على دراية بالحضارة الأوربية، ورؤيتهم أوربية في جوهرها. وكانت النزعة الرومانسية قد بدأت تنحسر، لتحل محلها النزعة الطبيعية والفكر الدارويني والنيتشوي الذي يشكل تصاعداً في النزعة العلمانية، وسادت في الأدب الاتجاهات الواقعية والطبيعية. ودعم كل هذه الاتجاهات ظهور الحركات الثورية المختلفة والتحولات الاجتماعية العميقة في المجتمعات الأوربية وبخاصة في الشرق. وتُشكِّل الإمبريالية الخلفية العامة لكل هذه التحولات، فشهدت الساحة اليهودية تبعاً لذلك ازدياد النزعة الصهيونية بين كُتَّاب العبرية، وهو أمر مُتوقَّع باعتبار أن اختيارهم العبرية لغة كتابة كان يتضمن رفضاً لانتمائهم إلى الأوطان المختلفة.
ويُعَدُّ حاييم نحمان بياليك (قبل أن يهاجر إلى فلسطين) من أهم أدباء العبرية في أوربا. وقد كتب أغلب أعماله في الفترة من ١٨٨٢ إلى ١٩١٧. ويتجلى إسهامه في الشكل الأدبي في تحريره الشعر العبري من قيود بلاغة فترة التنوير. كما كانت حساسيته الشعرية أكثر أوربية من أيٍّ من معاصريه، فقدَّم في أعماله المزيد من الأشعار ذات الطابع الأوربي اعتماداً على كم هائل من أشكال الشعر الأوربي مثل: السوناته والبالاد. ومن شعراء هذه الفترة أيضاً زلمان شيناؤور، ويعقوب كاهان، ويعقوب فيخمان، الذين كانت أشعارهم تتَّسم بمحاولة وضع فلسفة شعرية تَصدُر عن الفكر الصهيوني.