ويبدو أن بعض يهود الإمبراطورية الإيرانية كانوا يتحدثون باللهجات الفارسية المختلفة (ففي سفر إستير ورد أن أعضاء الجماعات اليهودية كانوا يتحدثون بالفارسية مع الفرس بدون صعوبة) ، وكان يهود العالم العربي يتحدثون العربية في العالم العربي، وهكذا. وفي بعض الأحيان، كان أعضاء الجماعات اليهودية يستخدمون، في التعامل فيما بينهم، رطانات مُكوَّنة من لغة الوطن أو لغة المنشأ بعد أن يُدخلوا عليها بضع كلمات ومصطلحات عبرية أو آرامية أو ألفاظاً من أية لغة أخرى كانوا يتحدثون بها في البلد الذي كانوا فيه قبل هجرتهم. فيهود الأندلس، على سبيل المثال، كانوا يتحدثون رطانة تُسمَّى «العربية اليهودية» ، ويهود إسبانيا كانوا يتحدثون اللادينو. أما يهود أوربا الشرقية، فكانوا يتحدثون اليديشية، وهي رطانة ألمانية تحوَّلت في مرحلة لاحقة إلى ما يشبه اللغة المستقلة للحديث والكتابة. وفي القرن السادس عشر، يبدو أن معظم يهود العالم كانوا يتحدثون إما اليديشية (في أوربا) أو اللادينو (في الدولة العثمانية) . وكثيراً ما كان أعضاء الجماعات اليهودية يستخدمون الحروف العبرية في كتابة هذه الرطانات في المعاملات اليومية، مثل الفواتير التجارية أو غير ذلك من أمور الدنيا. ولم يكتب أعضاء الجماعات اليهودية بهذه الرطانات أدباً ذا بال، لا في الماضي ولا في العصر الحديث. وربما يمكن استثناء اليديشية من ذلك، فنظراً لأنها عمرت طويلاً (نسبياً) وأصبحت، مع القرن التاسع عشر، لغة مستقلة يتحدث بها معظم يهود العالم الغربي الذين كانوا مُركَّزين في روسيا وبولندا، فكُتب بها أدب شعبي للنساء والعامة في بادئ الأمر، ثم كُتبت بها أعمال أدبية بعضها يرقى إلى مستوى الأعمال الجادة. ولكن هذه المرحلة دامت فترة قصيرة للغاية بسبب اختفاء اليديشية.