يجد بعض الباحثين أن من الصعب إطلاق كلمة «العبرية» على تلك المرحلة الأولى من تاريخها فلم تكن قد توفَّر لها بعد أسباب الاستقلال اللغوي أو التمايز اللهجي (الرقعة الجغرافية المتسعة والتطور الطبيعي عبر الزمان) . وتُسمَّى عبرية هذه المرحلة «عبرية العهد القديم» أو «العبرية القديمة أو الكلاسيكية» أو «عبرية ما قبل المنفى» . وهي تتمثل في عبرية أسفار العهد القديم، وهي لغة دينية أساساً. وهذه العبرية استعارت كلمات كثيرة من اللغات المجاورة كالبابلية والآشورية والآرامية والمصرية القديمة والفارسية وأخيراً اليونانية. ويبدو أن العبرانيين كانوا يتحدثون بأكثر من لهجة من لهجات كنعان إذ كانت لهجة المملكة الجنوبية مختلفة عن لهجة المملكة الشمالية، كما يبدو أن المسئولين في البلاط الملكي في مملكة يهودا كانوا يتحدثون الآرامية. وظل العبرانيون يستخدمون هذه اللغة حتى التهجير البابلي في ٥٨٦ ق. م. ثم أخذت عوامل الاضمحلال تدخل عليها نظراً لظهور الآرامية كلغة لأعداد كبيرة من العبرانيين وكلغة للتجارة والإدارة في الشرق. ويبدو أنها اختفت تماماً حتى في فلسطين نحو عام ٢٥٠ ق. م.
ب) عبرية المشناه:
ظهرت بعد ذلك عبرية المشناه، وهي ليست مستقاة من عبرية العهد القديم وإنما هي عبرية مُشبَّعة بالآرامية أو آرامية مشوبة بمفردات عبرية وفارسية ويونانية ... إلخ. وأصبحت لغة الكتابة من القرن الأول قبل الميلاد على يد معلمي المشناه (تنائيم) ، ثم ماتت هذه العبرية تماماً مع القرن الثاني بعد الميلاد. وكانت الآرامية هي اللغة السائدة في فلسطين، قبل عصر المسيح وأثناءه وبعده، إلى جانب اليونانية. أما يهود الإسكندرية، فكانوا قد نسوا العبرية والآرامية تماماً مع القرن الثالث قبل الميلاد، وهو ما اضطر علماء اليهود إلى ترجمة أسفار موسى الخمسة إلى اليونانية (الترجمة السبعينية) .