وفي الوقت الحالي، لا يوجد سوى بضعة آلاف في الولايات المتحدة يتحدثون اليديشية، أغلبيتهم من كبار السن. أما في الاتحاد السوفيتي، فعدد اليهود الذين صرحوا (في السبعينيات) بأن الروسية هي لغتهم نحو ٨٦,٧%، في حين توزَّع ١٧,٧% بين مختلف اللغات، وهو ما يعني أن عدد المتحدثين باليديشية قد لا يزيد على ١٠%، معظمهم من المتقدمين في السن ويسكنون المناطق الغربية (ليتوانيا ولاتفيا ومولدافيا) التي كانت تضم كثافة سكانية يهودية في الماضي، مع العلم بأن عدداً لا بأس به ممن يصرحون بأن لغتهم هي اليديشية يفعلون ذلك تمسكاً بهويتهم ولكنهم في واقع الأمر لا يتحدثونها. وقد اختفت اليديشية تقريباً في جنوب أفريقيا، وقام النازيون بإبادة بقية يهود بولندا ممن كانوا لا يزالون يتحدثون بها. ولكن من الملاحظ أنه، على الرغم من عدم تصاعُد معدلات التحديث في المجتمع البولندي قبل الحرب العالمية الثانية، كانت اليديشية قد بدأت تذبل وتضمر، وبدأ يهود بولندا يتعلمون البولندية. فلم يكن يهود بولندا، مثلهم مثل يهود الولايات المتحدة أو يهود الاتحاد السوفيتي، يريدون أن يتعلم أولادهم لغة تعوقهم عن الحراك الاجتماعي وتحبسهم داخل حدود ضيقة، وبالتالي أرسلوا أولادهم إلى المدارس القومية (الهولندية أو الروسية أو الأمريكية) حيث يتعلمون اللغة القومية لينالوا حظهم من الحياة. وعلى هذا، فإن الحديث الصهيوني عن اضطهاد الاتحاد السوفيتي (سابقاً) للثقافة اليديشية لا أساس له من الصحة. وقد اختفت اليديشية في الولايات المتحدة دون اضطهاد، بل لم يعرها المجتمع أي التفات، لا تشجيعاً ولا اضطهاداً، وماتت من تلقاء نفسها.
ويمكن القول بأن الحركة الصهيونية أسهمت بشكل فعال في الإسراع بعملية موت اليديشية، فمنذ البداية ناصب الصهاينة اللغة اليديشية العداء على اعتبار أنها لغة المنفى، وطرحوا بدلاً منها اللغة العبرية: لغة التراث واللغة القومية «الحقة» !