للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأثرت سيمون فاي بأفكار بعض المتصوفة المسيحيين مثل مايستر إيكهارت، ويُقال إنها خاضت تجربة صوفية عميقة إذ جاءها المسيح في الرؤيا عام ١٩٣٨، وكانت تُكنُّ إعجاباً عميقاً للمسيحية باعتبارها ديانة العبيد، وترى أنها لم تتنصر لأن الدور الذي لعبته الكنيسة الكاثوليكية في التاريخ يتنافى تماماً مع تعاليم المسيحية. أما موقفها من اليهودية فكان يتسم بالرفض العميق، فهي ترى أن اليهودية عقيدة قومية ضيقة الأفق قاسية، وأن كل ما تحتويه المسيحية من شرور جاءها من اليهودية. ويشبه موقفها هذا موقف الغنوصيين (الذين كانت فاي تُكنُّ لهم إعجاباً خاصًّا) وقد أشاد الشاعر ت. س. إليوت بكتاباتها.

ويمكن أن نثير قضية يهودية فاي، فقد ورد اسمها في كلٍّ من الموسوعة اليهودية (جودايكا) ودليل بلاكويل للثقافة اليهودية باعتبارها كاتبة يهودية. وهذه الكاتبة قد وُلدت بالفعل لأسرة يهودية، ولكنها رفضت العقيدة اليهودية. وحينما مرت بتجربة صوفية، كانت تجربة مسيحية وتأثرت بمتصوفين مسيحيين. كما أن فاي هاجمت اليهودية بشراسة ونسبت لها كل نقائص المسيحية، فهل يُعتبَر تصنيفها على أنها يهودية ذا قيمة تفسيرية؟ لعله كان من الأجدى الحديث عنها باعتبارها من أصل يهودي وحسب. ولكن هذا لا يساعد كثيراً في فهم فكرها الذي يتجاوز أصولها اليهودية. ومن الطريف أن دليل بلاكويل للثقافة اليهودية استبعد المؤلفين اليهود السفارد وأبقى على فاي لأنها أشكنازية أو غربية، وهو ما يبيِّن أن أساس التصنيف مختل للغاية، وهو اختلال مصدره فشل محرري الموسوعة في تعريف ما يُقال له «الهوية اليهودية» ومصادرها الثقافية.

ملتون فريدمان (١٩١٢-)

Milton Friedman

<<  <  ج: ص:  >  >>