وقد رفض المحافظون الجدد الوفاق وخفض التسليح، كما رفضوا كثيراً من السياسات الخارجية التي تبناها كارتر، فكانوا يطالبون مثلاً بضرورة أن تتخذ أمريكا موقفاً نشيطاً في سياستها الخارجية، وأن تنبذ الاتجاه نحو العزلة، أي أن تقوم بالتدخل العسكري لحماية ما تتصور أنه مصالحها. وفي الداخل، يطالب تيار المحافظين الجدد بالتخلي عن السياسات الاجتماعية التي تبناها الديموقرّاطيون والتي تهدف إلى تهدئة الصراعات الاجتماعية في المجتمع الأمريكي وتخفيف الأثر السلبي لسياسات الاقتصاد الحر. ومن المعروف أن الجماعة اليهودية في الولايات المتحدة، وقياداتها، كانت تقف دائماً وراء الحزب الديموقرّاطي وتتبنَّى سياساته، شأنها في هذا شأن معظم أعضاء الأقليات في الولايات المتحدة. ولكن، ابتداءً من منتصف السبعينيات، بدأ يتبلور تيار محافظ داخل الجماعة اليهودية يلقي بثقله وراء الجمهوريين إلى أن وصل إلى الذروة في الثمانينيات مع تولي ريجان للرئاسة، حيث أيَّدته القيادات الصهيونية واليهودية المحافظة. ومما له دلالته العميقة أن غالبية الجماهير اليهودية لم تمتثل للتوجيهات الصهيونية وأدلت بصوتها لمرشح الحزب الديموقرّاطي. ولذا، لم يكن ريجان مديناً للصوت اليهودي بانتخابه، ومع هذا فهو من أشد الرؤساء الأمريكيين تحيزاً لإسرائيل، الأمر الذي يلقي كثيراً من الضوء على خرافة «الصوت اليهودي» .