أما أهم كتب ابن ميمون على الإطلاق فهو كتاب دلالة الحائرين الذي كتبه بالعربية ثم تُرجم إلى العبرية، وهو مقسَّم إلى ثلاثة فصول. ويحاول ابن ميمون في هذا الكتاب أن يُوفِّق بين العقل والدين، لأن العقل غرسه الخالق في الإنسان. وحينما يبحث ابن ميمون في الذات الإلهية، فإنه يستنتج مما في الكون من شواهد التنظيم المُحكَم أن عقلاً سامياً يسيطر على هذا الكون. فالخالق حسب رأيه عاقل ولا جسم له، وكل العبارات التي تشير إلى شيء من أعضاء الجسم في وصف الخالق يجب أن تُفسَّر تفسيراً مجازياً. وصفاته لا تنفصل عن ماهيته وهو المحرِّك الأول والصلة الأولى الواجبة. وهو خالق العالم من العدم، ولذا فهو يدحض فكرة أرسطو الخاصة بأزلية الكون. والعالم كلٌ تترابط أجزاؤه على أساس قوانين معينة تتوقف في كليتها على فعل الخلق (أي عملية الخلق) ذاته، وهو فعل لا نظير له في التاريخ، وهذا الرأي يقترب من رأي الأشاعرة رغم هجوم ابن ميمون عليهم. ويصر ابن ميمون على فكرة فعل الخلق هذه إذ بدونها يصبح العالم عبارة عن مادة محضة تتحرك بقانون السببية المادي. وهو يضيف أنه لو كان هذا هو الوضع حقاً لفهمنا كل شيء في الطبيعة بقوانين المنطق. ولكن هناك في الطبيعة من الظواهر ما لا يمكننا فهمه.