للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبدو أن إسبينوزا والمفكرين الثوريين مثل ماركس متأثرون بالنزعة المشيحانية في اليهودية وهي نزعة حلولية واحدية معادية تماماً للتاريخ وللحدود وترى أن كل تفاصيل التاريخ والكون تفاصيل مؤقتة، تؤدي جميعاً (في نهاية الأمر وفي التحليل الأخير) إلى العصر المشيحاني (والفردوس الأرضي عند نهاية التاريخ) الذي سيحدث فيه تغيُّر كامل لكل شيء. وهذه النقطة عند إسبينوزا تأخذ شكل الإدراك الكامل لقانون الضرورة والحتمية، وهي المعرفة الشاملة بكل الأمور بحيث يصل الإنسان في معرفته إلى مرتبة الآلهة، وهي معرفته بأنه ليس ثمة حرية ولا معنى خاص له، وأنه جزء من كل مادي يتحرك حسب قوانينه الذاتية التي تستطيع الإرادة الإنسانية التدخل فيها. وتحوَّلت هذه الفكرة عند ماركس إلى فكرة الحتمية التاريخية وقوانين الجدل المادية التي ترتفع بالإنسانية جمعاء إلى المجتمع الشيوعي (في نهاية الأمر) حيث يتم التحكم الكامل في الذات والموضوع. ومع هذا، يجب تأكيد أن هذه النزعة المشيحانية السياسية العلمانية هي تيار واضح بين المفكرين العلمانيين الغربيين سواء كانوا من أصول مسيحية أم كانوا من أصول يهودية.

<<  <  ج: ص:  >  >>