للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن البيئة الطبيعية، بما في ذلك الإنسان، تقف ضد الحالوتس الذي لم يكن يحارب ضد طبيعتها الحجرية المستنقعية البرية بل ضد طبيعتها الإنسانية المفترسة. والبرجماتي رجل عملي مرن يتعامل مع ما هو قائم بشكلٍّ مباشر دون أن يُصدِّع رأسه بالتاريخ، فعليه أن يذهب للواقع الجديد الذي يفرضه بالمسدس ضد الطبيعة الإنسانية العنيدة (وهذه حقيقة مريحة بالنسبة له تتفق مع آرائه وأحلامه) .

والطوباويون، في صراعهم المستمر ضد الطبيعة والإنسان، أصبحوا تجسيداً كاملاً للقيمة الكبرى، الصراع من أجل البقاء، ولذا فإن السيولة الكونية تكتسحهم فيصبحون برجماتيين طيعين. وقد استجابوا للنداء البرجماتي الدارويني النيتشوي وتحوَّلوا إلى جيش محارب عظيم، أو لم يقل فيلسوف البرجماتية وليام جيمس: «لقد وُلدنا كلنا لنحارب، وإن المجتمع سيصاب بالعقم دون ذلك البذل الصوفي الحلولي للدم» ؟ وكأن المجتمع الإنساني آلهة وثنية متعطشة للدماء، وليس الإطار الذي يتجاوز الإنسان من خلاله حالة الطبيعة والصراع! ويُلاحظ كالن بقلب برجماتي مبتهج عسكرة المجتمع الإسرائيلي عسكرة كاملة: إن شعب إسرائيل هو جيش إسرائيل، وجيش إسرائيل هو شعبها، وهذا ليس بالمعني المجازي وإنما هو معنى حرفي، فالجيش الإسرائيلي هو المدرسة التي يتعلم فيها الجميع. ومرة أخرى أيضاً، يُلاحظ كالن بقلب برجماتي مبتهج أنه لم يقابل أيَّ فتى أو فتاة لا يتطلع إلى الخدمة العسكرية. ويخبرنا بكل سرور أنه يمكن جمع الاحتياط في ساعات قليلة، أي أن إسرائيل ( «إسرائيل القلعة» كما يسميها خلال الكتاب كله) على أهبة الاستعداد دائماً لملاقاة العدو براً وبحراً وجواً.

ويمكننا ملاحظة ما يلي على فلسفة كالن:

<<  <  ج: ص:  >  >>