ويُلاحَظ كذلك أن معظم هؤلاء العلماء لا يهتمون بالموضوع اليهودي اهتماماً خاصاً ولا يتعرضون له إلا في إطار اهتمامهم بالحضارة الغربية. فهم يتعرضون للموضوع اليهودي باعتباره موضوعاً غربياً حديثاً كما فعل ماركس في المسألة اليهودية حيث وضعها في إطار إشكالية ظهور الرأسمالية، وكما فعل دوركهايم في موضوع ظاهرة الانتحار بين اليهود (والكاثوليك والبروتستانت) ، وكما فعل زيميل مع الغريب، وكما فعل لودفيج جومبلوفيتش مع الأمة اليهودية حيث توقَّع اختفاءها. وهم في هذا لا يختلفون البته عن ماكس فيبر أو ورنر سومبارت اللذين تناولا الموضوع اليهودي بشيء من الإسهاب في سياق الحديث عن أصول الرأسمالية الرشيدة.
أما الصهيونية، فمعظم علماء الاجتماع من اليهود غير مكترث بها ولم يكتب عنها لا معها ولا ضدها.
إميل دوركهايم (١٨٥٨-١٩١٧ (
Emile Durkheim
أول عالم اجتماع فرنسي أكاديمي. وُلد في أبينال في مقاطعة اللورين التي لم تضمها فرنسا إلا في القرن السادس عشر، ولذا ظلت محتفظة إلى حد ما بطابعها الألماني. وكان أعضاء الجماعة اليهودية فيها من يهود اليديشية؛ يتحدثون رطانة ألمانية، ويعملون بالتجارة والربا، وغير مندمجين في المجتمع الفرنسي أو الثقافة اللاتينية (على عكس اليهود السفارد في الجنوب) . ويمكن القول بأن التنظيم الاجتماعي للجماعة اليهودية في اللورين كان بسيطاً يتسم بما سماه دوركهايم فيما بعد «التضامن الآلي» ، فقد كانت جماعة صغيرة يديرها الحاخام أو أحد الرؤساء (بارناسيم) . وكانت عائلة دوركهايم تنتمي إلى هذه القيادة، فقد كان أبوه حاخاماً، كما أن أجداده كانوا من الحاخامات.