للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدور فكر هوركهايمر حول ما يُسميه الدور النقدي للنظرية، فالنظرية في تصوره تقوم دائماً بتوجيه النقد للأيديولوجيا لصالح المجتمع الحر العقلاني إذ أنها تأخذ موقف النفي من الواقع الاجتماعي القائم وتحاول أن تبلور الاحتياجات الكامنة لدى الجماهير والتي لا يتأتى لها الإفصاح عنها. فالفكر الأيديولوجي ليس منفصلاً عن الواقع الاجتماعي المادي، بل هو متواطئ دائماً مع المؤسسات الاجتماعية القمعية. وفي منظومة هوركهايمر، لم تَعُد البروليتاريا حاملة الفكر التقدمي بحكم موقفها من علاقات الإنتاج فهي الأخرى مُستوعَبة في النظام القائم ومُهيمَن عليها. وعلى هذا، فإن النظرية التعددية أصبحت الآلية الوحيدة تقريباً التي يمكن أن تكشف إمكانية الحرية والعقل في المجتمع الإنساني والتي يمكن عن طريقها الكشف عن أشكال الوعي الزائف. وبيَّن هوركهايمر في كتابه خسوف العقل (١٩٤٧) أن الفلسفات الإجرائية (الوضعية ـ البرجماتية ـ العلمية) إن هي إلا تعبير عن العقل الأداتي ولا يمكنها أن تُوصِّل إلى الحقيقة أو القيمة أو العقل الحقيقي (العقل النقدي) .

وصدر لهوركهايمر، بالاشتراك مع أدورنو، كتاب جدل الاستنارة وهو نقد شامل لفلسفة الترشيد المتزايد ورفض لفكرة التقدم. ويذهب المؤلفان إلى أن الترشيد المتزايد للعلاقات الاجتماعية في العصر الحديث أدَّى إلى تناقص استقلال الفرد وأدَّى في نهاية الأمر إلى الشمولية والعنصرية (خصوصاً معاداة اليهود) . فالرأسمالية ترجمت مُثُل الاستنارة إلى واقع معسكرات الاعتقال.

<<  <  ج: ص:  >  >>