وظاهرة القمع ذاتها مرتبطة في فكر هوكهايمر وأدورونو بالعقل الأداتي وبرغبة الإنسان الغربي في السيطرة على الطبيعة، بل إن الحضارة بالنسبة للإنسان الغربي إن هي إلا طقوس الهيمنة الكاملة على الطبيعة، ولذا فهي في واقع الأمر ليست حضارة وإنما مدنية وحسب. ويربط أدورنو وهوركهايمر بين العداء لليهود من جهة والعقل الأداتي من جهة أخرى، أي أن ظاهرة العداء لليهود تخرج من نطاق الاقتصادي والسياسي، لتدخل نطاق المعرفي والحضاري. والعقل الأداتي عقل يود السيطرة الكاملة على الطبيعة، وهو اتجاه يتصاعد مع الفاشية. ولكن هذه الرغبة في السيطرة غير المحدودة تُولِّد عند صاحبها إحساساً بالذنب، ولذا فالفاشي يُسقط طموحه وطمعه على اليهودي فيحوّله إلى الباحث عن السيطرة الكاملة.