ويرى فروم أن كل إنسان عنده احتياج عميق للدين، فالدين هو الإجابة المستفيضة عن أسئلة الوجود الإنساني. والوجود الإنساني ـ حسب رأي فروم ـ يستند إلى كل من التفكير العقلي والإيمان الديني، ولذا فلابد من التأليف بينهما ليظهر مجتمع يحقق فيه الإنسان إنسانيته الكاملة. وفروم يُفرِّق بين اتجاهين دينيين: الاتجاه الشمولي حيث يفقد الإنسان إرادته تماماً، والاتجاه الإنساني حيث يؤكد الإنسان ذاته ويمارس إحساسه بالمسئولية، ويرى فروم أن كتب الأنبياء الذين تتَّسم عقائدهم بالإيمان بالإنسانية وبتأكيد الحرية الإنسانية خير مثل على هذا الاتجاه. ويختلف فروم عن فرويد، ففرويد يرى أن الدين تعبير عن كبت وعصاب، أما فروم فيرى أن ثمة فارقاً شاسعاً بين هذا وذاك، فالإنسان المتدين يشارك الآخرين في مشاعره وأحاسيسه بينما الإنسان العصابي يعيش في عزلته، ويرى فروم أن ثمة جوهراً قيمياً أخلاقياً يوجد في الأديان كافة بحث عنه فروم في المسيحية والبوذية واليهودية. وقد تخلى فروم عن اليهودية الأرثوذكسية، ولكنه مع هذا لم يتخل عن عقيدته اليهودية ذاتها وإنما أعاد تفسيرها، فهو يرى أنها ديانة غير لاهوتية تؤكد أهمية التجربة الإنسانية.
ويرى فروم أن العهد القديم كتاب ثوري لأنه يتمحور حول فكرة تحرير الإنسان، وأن الاغتراب (الذي هو جوهر تعاسة الإنسان في المجتمع الحديث) مرادف تماماً لمفهوم الوثنية وعبادة الأصنام في العهد القديم، وأن كتب الأنبياء هي التي تعبِّّر عن الرؤية الإنسانية المعادية للوثنية والرافضة لعبادة الأصنام. ومن الواضح أن فروم أجتزأ الطبقة التوحيدية الإنسانية في اليهودية وأسَّس عليها رؤيته لليهودية والدين، ومن هنا يأتي رفضه للحتمية وللتفسيرات المادية الأحادية وللجنس كمحرك وحيد للسلوك الإنساني.
وقد انتقل فروم في سنواته الأخيرة إلى سويسرا عام ١٩٦٩ حيث استمر في العمل الفكري إلى أن تُوفي عام ١٩٨٠.