التأثير الهيليني وكرد فعل له. وخلال هذه الفترة، حاول سيمون بن شيتا (٧٥ ق. م) نشر التعليم بين الشباب، ثم جاء يوشع بن جمالا (٦٥ ق. م) بقرار جعل التعليم إجبارياً وعممه مجاناً.
ومع سقوط الهيكل عام ٧٠م على يد تيتوس، أصبح من المستحيل التحدث عن «الشعب العبراني» أو عن «الثقافة العبرانية» ، ومن ثم أصبح من المستحيل الحديث عن «التربية العبرانية» . ونظراً لتنوع أحوال وتجارب واحتياجات الجماعات اليهودية، لا يمكن الحديث عن «تربية يهودية» باعتبارها كياناً فكرياً واحداً أو عن «مدرسة يهودية» باعتبارها نمطاً مؤسسياً متكرراً، وإنما يمكن الحديث عن «تربية وتعليم أعضاء الجماعات اليهودية في العصر الهيليني» أو «تربية وتعليم أعضاء الجماعات اليهودية في العصور الوسطى في الغرب» ... وهكذا، أي بنسبة الجماعة اليهودية إلى مكان وزمان محدَّدين. وبذلك نكون قد نحتنا مُصطلَحات وصُغنا مقولات تحليلية لها مقدرة تفسيرية وتصنيفية عالية.
ولتوضيح هذه النقطة يمكن أن نشير على سبيل المثال إلى يهود الإسكندرية في العصر الهيليني الذين تأغرقوا بشكل سريع وانضم أطفالهم وشبابهم إلى المدارس الهيلينية، بل وأقاموا صلواتهم وتعلموا مبادئ دينهم باللغة اليونانية من خلال الترجمة السبعينية. أما أعضاء الجماعات اليهودية في بابل، فتبعت تربيتهم نمطاً مختلفاً نتيجة تكوُّن التشكيلات الإمبراطورية المختلفة في هذه المنطقة، فأرسل أعضاء الجماعات اليهودية أطفالهم إلى مؤسسات تعليمية خاصة بهم، كما قدمت الحلقات التلمودية في بابل فيما بعد إسهامات في تطوير التراث الديني اليهودي المتمثل في التلمود البابلي.