ومن الملاحظ أن الجماعات اليهودية المختلفة لم تُقدِّم فلاسفة أو مفكرين تربويين لهم ثقلهم الفكري العالمي في مجال التربية، وذلك رغم إنجازات بعض أعضاء الجماعات اليهودية في المجالات الأخرى. فمعظم المفكرين اليهود الذين كتبوا عن التربية اتبعوا النظريات والاتجاهات الفكرية التربوية أو عالجوا المشكلات التربوية التي تمس الأوضاع التربوية القائمة في المجتمعات التي ينتمون إليها، ومن الصعب وصف إنجازاتهم الفكرية بأنها ذات مضمون يهودي. فجيكوب بريير تربوي فرنسي، وهو أول من اهتم بتعليم الصم البكم، وجوزيف فيرتيمر تربوي نمساوي اتبع الاهتمام الفكري السائد في أوربا آنذاك بطفل ما قبل المدرسة وأسس دور حضانة في النمسا، بينما نجد يانوس كورساك البولندي أبدى اهتماماً بالأطفال الأيتام وأنشأ لهم ملجأً وكتب عن كيفية فهم الطفل ومعاملته. وفي الولايات المتحدة، أبدى أبراهام فلكسنر اهتماماً بتعليم الطب وقدَّم تقييماً لكليات الطب في الأمريكتين وكندا ثم في أوربا. ويُعَدُّ كل من لورانس كرين وإسحق بركسون من أتباع التربية التقدمية. أما إسرائيل شيفلر، فهو رائد من رواد مدرسة التحليل الفلسفي في التربية.
التربية والتعليم عند العبرانيين قبل التهجير إلى بابل
Education of the Hebrews Before the Transfer to Babylonia
كانت التربية الدينية والتربية القومية عند العبرانيين تشبهان تمام الشبه مثيلتيهما في المجتمعات القديمة التي كانت تسودها عقائد ذات طابع حلولي وثني واضح حيث يتحد فيه الإله القومي بأرضه وشعبه. وتَصدُر العقيدة اليهودية عن عدد من المفاهيم المحورية ربطت بين الإله والشعب، مثل: مفهوم الإله القومي، ومفهوم الشعب المختار، ومفهوم العهد بين الإله والشعب. ويمكن تقسيم هذه المرحلة من تاريخ التربية عند العبرانيين إلى فترتين أساسيتين: