وكان رئيس المدرسة التلمودية العليا مسئولاً عن تمويلها بمساعدة الجماعة، إلا أن الطلبة الميسورين كانوا يدفعون نفقات تعليمهم. ومنذ منتصف القرن السادس عشر، ظهر نوع جديد من المدارس التلمودية العليا الخاضعة لإشراف التنظيمات الإدارية للجماعات اليهودية، وقامت مؤسسة القهال بإصدار القواعد التنظيمية للمدارس وحدَّدت المؤهلات الواجب توافرها في رئيس المدرسة وشروط قبول الطلاب والمنهج والكتب المستخدمة، كما قامت باتخاذ الإجراءات الخاصة بتوزيع الطلاب الفقراء على الأسر اليهودية في المنطقة بالتناوب حتى يمكن تزويدهم بالوجبات اليومية. ووُجد في إيطاليا وألمانيا نظام عُرف باسم «كلاووس» وهي كلمة ألمانية تعني حرفياً «بيت الدراسة» ، حيث كان عدد من العلماء التلموديين وعدد قليل من الطلاب يدرسون معاً في المعابد الصغيرة، واقتصرت الدراسة فيه على الحوار والجدل، ومن ثم تركزت على تفسيرات وشروح التلمود.
ومنذ القرن الخامس عشر وحتى القرن الثامن عشر، أصبحت بولندا وليتوانيا أهم مركز للدراسات التلمودية في العالم، ومن ثم وُجدت فيها أهم المدارس التلمودية العليا مثل مدرسة لوبلين وكراكوف وبراج وبرست ليتوفسك ومنسك. واستُخدمت داخل هذه المدارس طريقة للحوار عُرفت باسم «بلبول» تقوم أساساً على محاولة اكتشاف التناقضات الحقيقية واللفظية الكامنة في أي نص والفروق الدقيقة بين الكلمات، ثم يُطرَح حل لهذا التناقض، وتُعاد الكرَّة مرةً أخرى إن كان الحل نفسه ينطوي على تناقض فيُنظَر فيه من جديد. وقد تدهورت المدارس التلمودية في شرق أوربا منذ النصف الثاني من القرن السابع عشر نتيجة انتفاضة شميلنكي (١٦٤٨) التي قضت على عدد من التجمعات اليهودية، بسبب الصعوبات المادية التي كان يعاني منها أعضاء الجماعات اليهودية. كما أن انتشار الحسيدية، التي أخذت موقفاً معادياً من الدراسات التلمودية، لم يساعد على عملية إحياء هذه المدارس.