التربية والتعليم عند الجماعات اليهودية في العالم الغربي (ما عدا روسيا وبولندا) حتى الحرب العالمية الأولى Education of the Jewish Communities in the Western World (Except Russia and Poland) to the First World War
١ ـ ألمانيا والنمسا (وجاليشيا) :
شهدت الأراضي الألمانية تغيرات وتطورات أدَّت إلى ظهور طبقة من المموِّلين والتجار ويهود البلاط الذين يتطلب عملهم المعرفة باللغات الأوربية والثقافة الحديثة. ومن ثم، فقد قل اهتمامهم بدراسة التلمود والمواد اليهودية التقليدية ولم تتعد معرفتهم قراءة آلية لبعض أجزاء من أسفار موسى الخمسة. كما شهد النصف الثاني من القرن الثامن عشر ظهور كثير من التشريعات التي تعطي اليهود حقوقهم المدنية، حيث أصدر الإمبراطور جوزيف الثاني إمبراطور النمسا براءة التسامح (١٧٨٢ ـ ١٧٨٥) التي أتاحت لأعضاء الجماعات اليهودية كثيراً من فرص الحراك الاجتماعي، وطالبت في الوقت نفسه بإصلاح كثير من ممارساتهم وبالذات في مجال التربية والتعليم. وأدَّى هذا إلى انتشار فكر حركة التنوير اليهودية.
انطلق دعاة حركة التنوير من اليهود من مقولات الفكر العقلاني (المادي) وإيمانه بفاعلية التعليم العلماني اللامتناهية في تحسين أحوال البشر، ومن ثم أصبحت قضية التربية القضية الأساسية بالنسبة لهم. كما رأوا في التعليم اليهودي التقليدي سبباً من أسباب تخلف الجماعات اليهودية وانعزالها الثقافي، ولذا حاولوا إحداث تغييرات في مناهج التعليم اليهودي وطرق تدريسه.