تعمقت في بولندا عزلة الجماعة اليهودية وغربتها بعد قيام الحرب العالمية الأولى. فمن ناحية، كانت البنية الثقافية والحضارية للمجتمع البولندي تلفظ اليهود وترفض دمجهم نظراً لميراثهم التاريخي المرتبط بطبقة النبلاء (شلاختا) وبنظام الأرندا (استئجار عوائد القرى والضياع) وهو في جوهره تراث معاد لمصالح بولندا القومية. ومن ناحية أخرى، تدهورت الأوضاع الاقتصادية للجماعة اليهودية مع اضطلاع الدولة البولندية الجديدة وطبقة التجار البولنديين الصاعدة بالوظائف الوسيطة التقليدية لليهود. وقد تأسست شبكة من المدارس اليهودية على أيدي الحركات الثورية والعمالية اليهودية والصهيونية تعبيراً عن هذه العزلة وهذا الانفصال المتزايدين.
وكان للحركة الصهيونية شبكة من المدارس تُعرَف باسم «تاربوت Tarbut» تضم مدارس حضانة وابتدائية وثانوية، ومدارس مسائية، ومدرسة زراعية للتدريب على الاستيطان في فلسطين. وزادت هذه المدارس من ١٥ مدرسة عام ١٩١٨ تضم ٢٥٧٥ طالباً إلى ٣٠٠٠ مدرسة عام ١٩٣٨ يدرس فيها ٤٠ ألف طالب.
كما كانت هناك شبكة من المدارس تشرف عليها المنظمة المركزية للمدارس اليديشية (زيشو) . وكانت هذه المدارس تحت رعاية حزب البوند والحركات العمالية اليهودية الأخرى، وبالتالي اتسمت مناهجها باتجاهها الاشتراكي العلماني القوي وبالاهتمام بالثقافة اليديشية. وضمت هذه الشبكة، التي كانت لغة التدريس فيها اليديشية، مدارس حضانة وابتدائية وثانوية ومدارس مسائية وصل عددها في عام ١٩٣٤/١٩٣٥ إلى ١٦٩ مدرسة يحضرها ١٥٤٨٦ طالباً. وأقامت زيشو أيضاً معهدين عاليين لتدريب المعلمين.