للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت بلاد أمريكا اللاتينية مثلها مثل أيٍّ من مناطق الجذب الأخرى لأعضاء الجماعات اليهودية، ولكن هذه البلاد احتفظت بكاثوليكيتها التي شكلت بُعداً أساسياً في الهوية القومية لشعوبها، وبالتالي وجد أعضاء الجماعات اليهودية أنفسهم في تربة تستبعدهم وتعزلهم. وبينما عمل المجتمع الأمريكي على تذويب الفوارق بين الجماعات اليهودية التي استقرت فيه من خلال أمركتهم وتحويلهم إلى كتلة متجانسة، عملت مجتمعات أمريكا اللاتينية على تعميق هذه الفوارق وعلى تفتيت الجماعات اليهودية. فقد اتجهت كل جماعة يهودية إلى العودة إلى تراثها الثقافي والإثني اليهودي الخاص وتمسكت به. وقد عمَّق ذلك غياب مؤسسات قومية للدمج في أمريكا اللاتينية مثل المدارس الحكومية المجانية، وحتى عندما تأسَّست هذه المؤسسات فإنها كانت ذات توجُّه كاثوليكي واضح. وبالتالي، فقد اتجهت كل جماعة يهودية إلى إقامة مؤسساتها التعليمية الخاصة بها، بل زادت عليها مدارس اليوم الكامل اليهودية التي يتلقى فيها الأطفال اليهود تعليماً يهودياً عاماً بعيداً عن تأثير كاثوليكية المدارس العامة. وقد اتسمت المدارس بتوجهها الإثني القومي أو الصهيوني، بما يعكس طبيعة الهوية اليهودية لدى أعضاء الجماعات اليهودية في أمريكا اللاتينية التي اتخذت شكلاً إثنياً أكثر منه دينياً. وفي الأرجنتين، ظلت المدارس التكميلية هي النوع السائد من المدارس اليهودية حتى عام ١٩٤٨. وقد ساعد على ذلك نظام المدارس الأرجنتينية الذي انقسم إلى فترتين كل منها أربع ساعات، وهو ما أتاح للأطفال اليهود فرصة الدراسة في المدارس التكميلية صباحاً أو مساءً لمدة ساعتين أو ثلاث يومياً. وقد تأسست أول مدرسة يوم كامل عام ١٩٤٨ في بيونس أيرس، إلا أن زيادة البرامج الدراسية ذات التوجه الكاثوليكي الواضح في المدارس الحكومية دفع الجماعة اليهودية إلى التوسع في مدارس اليوم الكامل التي وصل عددها في أواخر السبعينيات إلى ٣٨

<<  <  ج: ص:  >  >>