وقد حدث شيء مماثل بالنسبة لإسرائيل، فنحن في رصدنا لها لا نركز إلا على مواطن قوتها وتَقدُّمها وتَفوُّقها، وهذه هي الموضوعية والواقعية، أما إذا اكتشفنا نقط ضعف العدو وقصوره وتآكله، فإن هذا يُصنَّف باعتباره خداعاً للذات. إن الذات المهزومة تخضع تماماً للآخر ولا يمكنها أن تتصور أن من الممكن أن تتفاعل داخله عوامل الحياة والانتصار والموت والانكسار. وتدريجياً، يدمن الإنسان الهزيمة إدماناً كاملاً حتى تصبح رؤية للكون لا يستطيع المرء أن يحتفظ بتوازنه بدونها. ومع أطروحة الهزيمة الاختزالية، تحوَّل كثير من الباحثين إلى جند مجندة تخدم العدو بنزاهة موضوعية دون أن تدري، فهي ترصد مواطن قوته، وتُصدِّق كل ما يقوله وتتصرف في إطاره بأمانة مضحكة دون تمحيص، وكيف يتأتى لهم غير ذلك وهم المهزومون من الداخل؟