ب) الفترة الفارسية والهيلينية والرومانية (٥٣٨ ـ ١٣٥ ق. م) : وتبدأ بسماح قورش للعبرانيين بالاستقرار في فلسطين تحت الحكم الفارسي. وقد استمرت الفترة الفارسية حتى عام ٣٣٣ ق. م، حين فتح الإسكندر الأكبر فلسطين، وأخضعها لحكم الهيلينيين. ومن الممكن أن نقول إن العبرانيين أصبحوا بالتدريج عبرانيين يهوداً ثم أصبحوا يهوداً فقط مع نهاية هذه الفترة. وتبسيطاً للأمور، سنشير إليهم بلفظ الجماعات اليهودية. وقد شهدت هذه الفترة التمرد الحشموني عام ١٦٨ ق. م، ثم استيلاء الحشمونيين على القدس وظهور الأسرة الحشمونية، إلى أن ظهرت القوة الإمبراطورية الرومانية التي سمحت للأسرة الحشمونية بحكم فلسطين تحت رعايتها في عام ٦٧ ق. م. وقد انتهت أشكال الإدارة الذاتية بعد أن أُخمد التمرد اليهودي ضد الرومان الذين هدموا الهيكل عام ٧٠م وحكموا فلسطين بصورة مباشرة. وكانت القيادة المحلية في تلك المرحلة تتركز أساساً في كهنوت الهيكل والأرستقراطية اليهودية في فلسطين مثل الحشمونيين ثم الهيروديين. أما في بابل، فكان يترأس الجماعة اليهودية رأس الجالوت وتسانده طبقة الفقهاء والأثرياء. واقتصر اليهود على تصريف أمورهم الدينية، وكذلك بعض الأمور الدنيوية المحلية ذات الطابع الإداري مثل جمع الضرائب وفض المنازعات التي قد تنشأ فيما بينهم. أما السلطة السياسية فكانت في يد القوة الإمبراطورية الحاكمة. ويمكن استثناء فترة حكم الحشمونيين من هذا النمط، فبعد التمرد الحشموني قام الحشمونيون في الفترة ١٤٢ ـ ٦٧ ق. م بتأسيس دولة تتسم بالاستقلال السياسي النسبي عن الإمبرطورية الهيلينية وإن كانت هيلينية من الناحية الحضارية. أما حكم الهيروديين فكان حكماً تابعاً للرومان، وكان لقب «دوكس» ، أي ملك روماني، الذي كان يحمله الهيروديون لقباً شرفياً وحسب. وبعد هدم الهيكل، بدأ أمير اليهود (ناسي ـ بطريرك) ، وهو قائد ديني ذو صلاحيات دنيوية محدودة، يترأس اليهود. وحتى هذه