وبمقتضى تنظيم البوليتيوما، تمتع اليهود بشيء من الاستقلال الإداري الذاتي في الأمور الدينية والقضائىة، ولكن لم يكن لهم حق المشاركة في إدارة المدينة من الناحية السياسية. وكان لمؤسسة البوليتيوما (ومثلها القهال فيما بعد) موظفوها الإداريون المستقلون عن الجهاز الإداري للمدينة. وكان للبوليتيوما محاكمها الخاصة، كما كان يترأسها رئيس القوم (إثنآرخ) . ومن أشكال الاستقلال الإداري مجلس الشيوخ (جيروسيا) ، وهو المجلس الذي كان يمثل يهود الإسكندرية ويزاحم رئيس القوم السلطة.
وقد ظل وضع اليهود داخل البوليتيوما مستقراً ماداموا يقومون بدور الجماعة الوظيفية للبطالمة. ولكن، مع الغزو الروماني، اختل التوازن وتحوَّل اليونانيون أنفسهم إلى جماعة وظيفية للرومان تزاحم اليهود. وقد أثر هذا في وضع البوليتيوما. فألغى الحاكم الروماني فلاكوس وضع اليهود كغرباء لهم حق السكنى، فأصبحوا غرباء وحسب يمكن طردهم، فاشتكوا إلى الإمبراطور الروماني الذي أنصفهم وأكد وضعهم باعتبارهم بوليتيوما. وقد تزايدت التوترات إلى أن نشب التمرد اليهودي الأول (٦٦ ـ ٧٠م) والتمرد اليهودي الثاني (١٣٢ ـ ١٣٥م) وضعفت البوليتيوما بوصفها مؤسسة وإطاراً تنظيمياً (كما حدث للقهال فيما بعد) .
ولم تكن البوليتيوما مقصورة على اليهود وإنما كانت شكلاً من أشكال التنظيم الإداري العام. وكانت هناك بوليتيوما في الفيوم تضم الكريتيين.
الملك الروماني (دوكس (
Dux
«دوكس» كلمة لاتينية تعني «ملك» وهو لقب كان يخلعه الرومان على بعض من كانوا يمثلون مصالحهم من زعماء الأقوام (إثنوس) الذين كانوا يحكمونها. وهو لقب شرفي لا يعني أن حامله ملك بالمعنى الصحيح للكلمة، وهو لا يُعطي صاحبه سلطات الملك ولكنه كان يعطيه حق ارتداء تاج! وقد خُلع لقب «ملك» على سبيل المثال على كل من هيرود وأجريبا الأول وأجريبا الثاني. وكان بعض حكام سوريا من الرومان يحملون لقب «دوكس» .