وقد حاربت قوات من حدياب إلى جانب المتمردين اليهود أثناء التمرد اليهودي الأول ضد الرومان (٦٨ - ٧٠) . وتجب ملاحظة أن حدياب كانت تابعة للفرثيين وهم القوة العظمى الأخرى في الشرق الأدنى القديم والتي كانت تنافس الرومان وتهاجمهم في فلسطين بالذات. وقد حاول الفرثيون تجنيد اليهود إلى جانبهم ضد الرومان متبعين في ذلك سياسة الإمبراطورية الفارسية. وبرغم وجود علاقات دينية قوية بين الأسرة الحاكمة في حدياب والهيكل، إذ كانت الملكة هيلانة ترسل الصدقات إلى الفقراء في القدس، كما أنها شيَّدت مظلة في اللد بمناسبة عيد المظال وأرسلت هي وابنها العديد من الهدايا إلى الهيكل، رغم كل ذلك فإن ظهور مثل هذه الدويلة واكتسابها صبغة يهودية ورفض أبنائها الهجرة إلى فلسطين تدلُّ على أن الجماعات اليهودية كانت قد بدأت في تكوين مراكز سكانية وثقافية خارج فلسطين لها ثقافتها المستقلة عن الثقافة العبرية الآرامية هناك، كما تدل هذه الأشياء على قوة المركز البابلي لليهودية واستمراريته. وإذا ما وضعنا المركز السكندري (الهيليني) إلى جوار المركز البابلي، وذلك باعتبارهما مركزين للثقافات اليهودية المختلفة، فإنه يصعب الحديث عن فلسطين كمركز واحد. كما أن هدم الهيكل على يد تيتوس (٧٠م) لم يكن سوى تتويج لهذا الاتجاه.
ورغم أن اليهودية كانت في القرن الثاني قد ازدادت انتشاراً في حدياب، فإن المسيحية انتشرت بين صفوف اليهود هناك واعتنقتها أعداد متزايدة منهم كما حدث في مصر وغيرها من الأماكن في حوض البحر الأبيض المتوسط حتى تحوَّلت الأغلبية العظمى إلى المسيحية.