١١ ـ كان الناقد المسرحي أنطوان أرتو (مُنظِّر ما يُسمَّى «مسرح القسوة» ) يطمح إلى مسرح أيقوني ليس مبنياً على الكلمات وإنما على حركة الجسد مباشرةً وعلى مشاركة المتفرجين، دون وجود نص يُقيِّدهم. وكان مثله الأعلى هو المسرح في الحضارات البسيطة حين تكون التجربة المسرحية هي نفسها تجربة دينية شعائرية لا تحتاج إلى نص أو مُخرج ولا يوجد ممثلون أو جمهور ولا يفصل فاصل بين الواحد والآخر.
١٢ ـ حاول أرتو نفسه أن يكتب ما سماه «الشعر اللفظي» وهو شعر مبني على تجاور أصوات لا دلالة لها، إلا أن تركيباتها النبرية تصنع حالات شعرية، أو هكذا كان الظن.
وعكس التأيقن واللغة الأيقونية هو الحرفية واللغة الحرفية. وهي تتحقق حينما لا يكون للدال أي قيمة في حد ذاته، لأنه يضاهي المدلول تماماً. ورغم اختلاف الأيقونية عن الحرفية، فإنهما يتشابهان تماماً في الواحدية الكمونية، فالأيقونة دال دون مدلول، والحرفية مدلول دون دال (أو دال لا قيمة له) . ففي الحالة الأولى يكون المعنى كامناً في الدال وحسب، وفي الثانية يصبح المعنى كامناً في المدلول وحسب. واللغة المحايدة شكل من أشكال اللغة الحرفية، فاللغة المحايدة تحاول أن تكون شفافة تماماً بحيث تعكس الواقع كما هو.
والنظم الحلولية الكمونية تُعبِّر عن نفسها من خلال الأيقونية إذا كان مركز الكمون هو عقل الإنسان، وهي في هذه الحالة تستخدم صوراً مجازية عضوية، فالكائن العضوي المكتفي بذاته، الذي لا يشير إلى ما هو خارجه، هو قمة المرجعية الكامنة. كما تعبِّر الحلولية الكمونية عن نفسها من خلال الحرفية (إذا كان مركز الكمون هو الطبيعة والتاريخ) . أما النظم التي تدور في إطار المرجعية المتجاوزة فتُعبِّر عن نفسها من خلال اللغة المجازية التي تؤكد المسافة بين الدال والمدلول وعلاقة الاتصال والانفصال بينهما.