وكل العقائد الحلولية الكمونية هي في جوهرها تنويعات على المبدأ الحيوي مع تزايد وتناقص في درجات التجريد. والأنيميزم البدائية هي أدناها في الدرجة، والحلولية الكمونية هي أكثرها تجرُّداً. ويمكن القول بأن الهيجلية هي قمة التجريد في المبدأ الحيوي (أعلى درجات وحدة الوجود المادية العالمية) . وفكرة الإله/الصيرورة المحورية في المنظومة الهيجلية مرتبطة تمام الارتباط بالمبدأ الحيوي. والعلمانية هي الأخرى شكل من أشكال المبدأ الحيوي بعد أن استقرت الأنيما تماماً في المادة، بحيث أصبحت المادة مكتفية بذاتها، تحوي داخلها كل ما يكفي لتفسيرها. وبدلاً من أن يُقدِّم الإنسان القرابين للآلهة العديدة ويراوغها، أصبح يذعن لقوانين الحركة ولا يحاول التخلص من قبضتها (ويظهر التأرجح بين التمركز حول الذات والتمركز حول الموضوع، وبين تأليه الكون وإنكار الإنسان، وتأليه الإنسان وإنكار الكون) . وتحوَّلت عبادة الأسلاف إلى الإيمان بالأرض والوطن والشعب، ولعل هذا يُفسِّر المفردات والصور المجازية الأساسية المشتركة بين المنظومات الحلولية الكمونية البدائية والمنظومات الحلولية الكمونية المتقدمة.
الماكروكوزم (الكون الأكبر) والميكروكوزم (الكون الأصغر، أى الإنسان (
«الماكروكوزم (الكون الأكبر) والميكروكوزم (الكون الأصغر، أي الإنسان) » ترجمة للعبارة الإنجليزية «ماكروكوزم آند ميكروكوزم macrocosm and microcosm» . وكلمة «كوزموس cosmos» تعني «كون» ولكنها تعني في الأصل «نظام» مقابل «كيوس chaos» أي «فوضى» ، أما «ماكرو macro» و «ميكرو micro» فتعنيان «أكبر» و «أصغر» على التوالي. ومفهوم الماكروكوزم والميكروكوزم يؤكد أن ثمة تقابلاً كاملاً (أو شبه كامل) بين الكون والإنسان، سواء في الخصائص النفسية أو الروحية أو حتى في الخصائص الجسدية والتشريحية.