للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استخدم بعض الفلاسفة اليوانيين (هرقليطس مثلاً) هذه الكلمة، فأصبح اللوجوس المبدأ الذي يسير الكون من خلاله، وهو الذي يفسر الثبات وراء التغير والنظام وراء الفوضى. فالأشياء رغم تنوعها تحدث حسب اللوجوس. ويبدو أن هرقليطس كان يرى أن اللوجوس له وجود أو تجلٍّ مادي مثل النار، فكأن اللوجوس لم يعد كلمة أو مبدأ وإنما تجسُّد في الكون على هيئة عنصر. ويعتبر اللوجوس فكرة أساسية عند الرواقيين بنزعتهم الحلولية التي تقرن بين الإله والطبيعة. وهم، مثل هرقليطس، يرون أن اللوجوس قوة مادية في العالم (النار الأزلية) تسري في كل الكائنات باعتبارها مصدر الحياة أو العلة السببية والمشتركة، الخالقة والحافظة والمقومة لجميع الأشياء، والتي تُنظم الكون وتحقق التوازن بين العناصر كافة، فهي العناية الإلهية أو القصد الإلهي وهي أيضاً روح الإنسان. واللوجوس أزلية كما أنها روح الكون.

٣ ـ اللوجوس أورثوس واللوجوس سبرماتيكوس:

من الاستخدامات الأخرى لكلمة «لوجوس» ، اصطلاح «لوجوس أورثوس» أي «العقل السليم» ، أو «الحجة السليمة» (وكلمة «أورثو» هي تلك الموجودة في كلمة «أورثوذكس» أي «العقيدة السليمة» ) . وقد استخدم السفسطائيون اصطلاح «لوجوس أورثوس» للإشارة إلى المبادئ والقواعد المنطقية التي ينبغي اتباعها للوصول إلى الاستنتاجات السليمة التي يمكن استخدامها لتقديم وجهة نظر ما بطريقة سليمة. وقد استخدم الرواقيون (من اليونانيين والرومان) العبارة اللاتينية «ريكتا راتيو recta ratio» للإشارة إلى النظام أو القانون السليم أو الضرورة التي يجب أن تمتثل لها أفعال الإنسان والعنصر العاقل الكامن في كل الأشياء. فكأن اللوجوس هنا هو الراتيو (التي اشتُّقت منها كلمة «راشيوناليزم rationalism» أي «العقلانية» ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>