للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن الحروب والغنائم والجزية المفروضة على الشعوب المغلوبة كانت من المصادر التي تعتمد عليها الدولة أيضاً. والآشوريون من أوائل الشعوب التي حولت الحرب إلى فن، فلقد طوروا وأبدعوا في الأسلحة الجديدة، أسلحة الحصار (التكتيك العسكري) ، والهجوم بجيوش جرارة كبيرة العدد تكتسح ما أمامها بشدة وضراوة رهيبة. ولهذا، فقد كانوا يشنون حروباً شاملة يسبون بعدها الشعوب التي يهزمونها، ويقومون بتهجيرها وتوطينها في أماكن بعيدة عن أوطانهم ثم يوطِّنون مكانهم أقواماً أخرى. وهذه عمليات عسكرية تشبه من بعض الوجوه عمليات نزع السلاح في الوقت الحالي وفرض السلام العسكري. وقد اضطر الآشوريون إلى اللجوء إلى هذه الإجراءات لعدم وجود قاعدة بشرية ضخمة تسمح بوجود جيش احتلال دائم قوي.

وقد طوَّر الآشوريون فن إنشاء المدن التي كانت تأخذ شكلاً مربعاً وتحتوي على حدائق حيوانات ونباتات وقنوات مياه تجلب المياه من الجبال. وكان الفن الآشوري تطويراً للفنون البابلية والحيثية، فطوروا استخدام الأحجار في أساس المباني وأعمدتها، كما طوروا القوس البابلي. وفي نقوشهم البارزة الطويلة، ظهرت أكثر رسومهم أصالة حيث صوروا مناظر الصيد المختلفة، وخصوصاً منظر آلام الأسد الذبيح. وهم أصحاب أول نوتة موسيقية. وقد طوَّر الآشوريون كذلك معارف البابليين في الكيمياء والطب. وكانت أعمالهم الأدبية تتضمن الملاحم والأساطير كما تضمنت نصوصاً دينية. وكانت الكتابة التاريخية عندهم متطورة للغاية إذ كان عندهم إحساس عميق بالتاريخ كما كانت لديهم الرغبة في الحفاظ على الماضي، الأمر الذي جعلهم يؤسسون أول مكتبات تضم مدوناتهم التاريخية. ويُقال إن مكتبة آشور بانيبال ضمَّت اثنين وعشرين ألف لوح طيني وأسطوانات تحتوى على أناشيد وأساطير وأعمال علمية ورياضية.

<<  <  ج: ص:  >  >>