للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد كانت عبادة الآباء مختلفة بشكل جوهوي عن العبادة اليسرائيلية واليهودية من بعدها. فالتوراة لا تُصوِّر الآباء كمبدعين من الناحية الدينية، فهم لا يشنُّون أية حرب على الوثنية ولا على عبادة الأصنام التي تصبح موضوعاً أساسياً في الفترة الموسوية. وتضم قصص الآباء أحداثاً تتنافى والقيم الأخلاقية التي وردت بعد ذلك في كتب العهد القديم الأخرى. فقد تزوَّج يعقوب من أختين في وقت واحد (لاويين ١٨/١٨١) ، وقام إبراهيم ومن بعده إسحق بادعاء أن زوجته الحسناء هي أخته حتى يتكسب من ورائها. ويستغل يعقوب حاجة أخيه عيسو إلى الطعام في الحصول على بكورته، أي أسبقيته في الولادة، ويغتصب التركة من أخيه غشاً وخداعاً. وزرع إبراهيم شجرة مقدَّسة (تكوين٢١/٣٣، وتثنية ١٦/٢١) ، وأقام يعقوب أعمدة حجرية مقدَّسة (تكوين ٢٨/١٨ و٢٢، و٣١/١٣ و٤٥ ـ ٥٢، و٣٥/١٤، وخروج ٢٣/٢٤) الأمر الذي يدل على وجود عناصر وثنية في عبادتهم. ولا يوجد أي ذكر لأية أعياد. ويُقدِّم الآباء التضحية والقرابين دون وجود كهنة أو معبد. ويُلاحَظ أن عبادة الآباء لا تدور في الإطار القومي الإقليمي الذي اتَّسمت به اليهودية بعد ذلك، فالآباء ينتقلون بحرية من مكان إلى آخر يعبدون الإله في أي مكان. ولا يُشار إلى الخالق باعتباره يهوه وإنما يشار إليه بأسماء أعلام بعضها لا يرد ذكره إلا بالإشارة إلى فترة الآباء مثل: «إيل عليون» أو «الإله العلي» (تكوين ١٤/١٨، ٢٢) و «إيل عولام» أي «الإله السرمدي» (تكوين ٢١/٣٣) ، وأكثر هذه الأسماء شيوعاً هو «شدَّاي» أي «الإله القدير» (تكوين ١٧/١، ٢٨/٣، ٣٥/١١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>