للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتنسب التوراة إلى إبراهيم أخلاقيات نفعية. فقد ذكرت على لسان إبراهيم بمناسبة اعتزامه التوجه هو وزوجته سارة إلى مصر، هرباً من القحط، أنه قال: « ... إني قد علمت أنك امرأة حسنة المنظر، فيكون إذا رآك المصريون أنهم يقولون هذه امرأته فيقتلونني ويستبقونك. قولي إنك أختى ليكون لي خير بسببك وتحيا نفسي من أجلك» (تكوين ١٢/١١ ـ ١٣) وأضافت التوراة أن ذلك قد حدث فعلاً: «فأُخذت المرأة [أي سارة] إلى بيت فرعون، فصنع إلى أبرام خيراً بسببها وصار له غنم وبقر وحمير وعبيد وإماء وأُتُن وجمَال» (تكوين ١٢/١٥ ـ ١٦) . ثم أعادت التوراة هذه القصة ذاتها مرة أخرى حين نزل إبراهيم وامرأته مغتربين في أرض جرار إذ أخذها الحاكم، ولكنه حينما اكتشف الحقيقة عنَّف إبراهيم على خداعه له، ولكنه في الوقت نفسه أعطاه غنماً وبقراً وعبيداً وإماء وألفاً من الفضة ورد إليه امرأته (تكوين ٢٠) . وقد حدثت نفس القصة مع ابنه إسحق. وثمة تفسير جديد لهذه الواقعة يذهب إلى أن الرجل في الحضارة الحورانية، كان إن اعتز بزوجته وأراد أن يعبِّر لها عن حبه، جعلها بمنزلة أخته وصار يشير إليها بذلك. ولكن العبرانيين القدامى نسوا، كما هو واضح، المغزى الأصلي للقصة وجعلوا من التسمية اتجاراً بالعرض للحصول على الثروة!

ورغم أن الدارسين يتحدثون عن إبراهيم باعتباره مُحطِّم الأوثان بعد أن توصل إلى عبادة الإله الواحد، فإن عبادة إبراهيم ـ كما جاء في العهد القديم ـ لم تكن هي نفسها عبادة يهوه، ذلك على الرغم من الميثاق الذي عقد بينه وبين الرب. فالإله يُعرَف في ديانة إبراهيم باسم «إيل شدَّاي» (أي «الرب القديم» ) ، أما يهوه فلم يظهر إلا في عهد موسى. ويُلاحَظ أن الميثاق أو العهد بين الرب وإبراهيم يختلف عن العهد بين الرب وبين موسى، فالأول يشبه منحة ملكية لا تُلقي أية التزامات أو أعباء على الشعب بينما نجد أن العهد مع موسى تتبعه أعباء معينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>