للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما القصة الثانية، فهي قصة البركة التي اغتصبها يعقوب، إذ لما كبر إسحق وضَعُف بصره، اتفق يعقوب مع أمه رفقة على مغافلة الأب لكي يدعو له بدلاً من أخيه عيسو، فتم له ذلك بأن انتحل شخصية أخيه، ونال بركة ليست من حقه، إذ أن إسحق دعا له بأن يكون الأنبياء من ذريته. ولما أحسّ إسحق بالأمر، طلب إلى يعقوب الخروج فخرج فاراً من غضب أخيه إلى بيت أسلافه الآراميين، وقيل إن أمه هي التي طلبت إليه أن يلحق بخاله مخافة أن يقتله أخوه عيسو. وقد حصلت أمه على موافقة إسحق على سفره بحجة أنه قد يتزوج بإحدى بنات الحيثيين (ويُلاحَظ أن يعقوب يظهر دائماً بوصفه راعياً، أما عيسو فهو صياد بدوي مغير) .

ورغم أخطائه وخداعه، فقد أراه الإله رؤيا مجيدة إذ رأى ملائكة يصعدون ويهبطون على سلم، ووعده الرب بأن يعطيه الأرض التي كان متغرباً فيها، وحين استيقظ يعقوب سمَّى المكان «بيت إيل» . خرج يعقوب إلى آرام من أرض العراق. وقد جاء على لسانه: «إن كان الإله معي وحفظني في هذا الطريق الذي أنا سائر فيه، وأعطاني خبزاً لآكل وثياباً لألبس، ورجعت بسلام إلى بيت أبي، يكون الرب لي إلهاً» (تكوين ٢٨/٢٠ ـ ٢١) ، وهو قول يعني ضمناً أن الإله، إن لم يقبل الصفقة لن يقبله يعقوب رباً. ووجد يعقوب راحيل عند البئر فأحبها، وخدم أباها لابان سبع سنين مهراً لها حتى إذا ما حان وقت الزواج احتال عليه لابان وزوّجه ليئة، فاضطر إلى خدمته سبع سنين أخرى وتزوج من راحيل، وتزوج أيضاً من خادمتيهما، ثم خدم ست سنين أخرى نظير أجر ولكنه خدع لابان في هذه الفترة حتى فاق ثراؤه ثراء سيده ثم فرَّ إلى كنعان، وقد انتهزت راحيل الفرصة وسرقت الأصنام (الترافيم) من أبيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>