ولا تصل المنظومة الحلولية الكمونية الواحدية دائماً إلى مرحلة وحدة الوجود دفعة واحدة، فثمة درجات من تَركُز الحلول والكمون في الكون. ويمكن أن تحدث درجة من الحلول أو الكمون لا تؤدي بالضرورة إلى وحدة الوجود، كما يمكن أن يتم الحلول (أو الكمون) جزئياً في الإنسان لا في الطبيعة، ولكن النموذج الحلولي يصل إلى تحقُّقه الكامل ولحظته النماذجية بالتجسد الكامل للإله في العالم وكمونه فيه، وفقدان الإله تجاوزه وتنزُّهه في مرحلة وحدة الوجود الروحية، ثم بفقدانه اسمه في مرحلة وحدة الوجود المادية، حيث يصبح الإله والعالم (الإنسان والطبيعة) شيئاً واحداً، ويصبح الإنسان جزءاً لا يتجزأ من العالم، ليست له إرادة مستقلة أو وعي مستقل، غير قادر على تجاوز محيطه.
لا يوجد، إذن، أي فارق بين وحدة الوجود الروحية ووحدة الوجود المادية إلا في التسمية. وكما يقول نوفاليس ليس هناك فرق بين أن تقول "أنا جزء لا يتجزأ من العالم" وأن تقول "العالم جزء لا يتجزأ مني"، ونفس القول ينطبق على وحدة الوجود، فلا يوجد فرق بين أن تقول "إن العالم إن هو إلا جزء لا يتجزأ من الإله" وأن تقول "إن الإله إن هو إلا جزء لا يتجزأ من العالم"، ولا فرق بين أن يقول المرء "لا موجود إلا هو"(أي الإله، بالمعنى الحرفي) أو "لا موجود إلا هي"(أي الطبيعة/المادة) .