ولكن الصهيونية، منذ أن بدأت كحركة سياسية وأنشأت دولتها في فلسطين، معتمدة اعتماداً كاملاً على المعونات الخارجية وعلى أجهزة الصهيونية العالمية، أصبحت متخصصة في فن الاستجداء. ولقد كانت الحالوقاه تُجمع تقليدياً من يهود العالم لأغراض دينية وخيرية، أما التبرعات التي كانت الحركة الصهيونية تجمعها، وكذلك المنح والمساعدات والقروض والتعويضات التي تحصل عليها والتي يمكن أن نُطلق عليها اسم «الحالوقاه الصهيونية» ، فمصدرها ليس أعضاء الجماعات وحدهم، وإنما الدول الغربية، وهي تُجمَع لأسباب سياسية واقتصادية وأحياناً بطرق غير أخلاقية.
وبدلاً من الطفيلية اليهودية التي نجمت عن ظروف تاريخية خاصة بأوربا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وكانت في طريقها إلى الزوال كما حدث بالفعل ليهود إنجلترا والولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي الذين أصبحوا جزءاً لا يتجزأ من اقتصاد أوطانهم، فإن الصهيونية خلقت نوعاً جديداً من الطفيلية المؤسسية إذ خلقت دولة لا تملك مقومات البقاء، ولابد لها من الاعتماد على صدقات الآخرين من اليهود وغير اليهود. وإذا كانت الصهيونية قد علمنت الحلولية اليهودية الدينية وحولتها إلى عقيدة فاشية، فإنها قد قامت أيضاً بعلمنة الحالوقاه والتسول، وجعلتهما صفات أساسية للممارسة الصهيونية، وخلقت ما نسميه «اقتصاد التسول» .