وقد أدَّت هذه التحولات الإدارية والاجتماعية والطبقية إلى ضعف سلطة شيوخ القبائل في المدن وخارجها. ومع هذا، فقد ظلت شبكة العلاقات القَبَلية قوية. ولعل انقسام المملكة العبرانية المتحدة، بعد موت سليمان مباشرة، أكبر دليل على استمرار قوتها. وقد نجم عن ضعف النظام الطبقي القَبَلي والتقليدي ظهور طبقة العمال العبرانيين الموسميين وتحوُّل العناصر المحلية الأصلية التي لم تندمج في المجتمع العبراني إلى ما يشبه العبيد. وكان هناك كذلك طبقة العبيد نفسها، ولكن لابد أن نشير إلى أن العبيد لم يكونوا طبقة مهمة لأن المجتمع العبراني لم يكن متقدماً بالقدر الذي يجعله يحتاج إلى أيد عاملة بشكل دائم، كما أن المجتمع العبراني كان يسد حاجته المحدودة إلى العبيد عن طريق استعباد المذنبين أو العبرانيين الذين لم يسددوا ديونهم. ويمكن القول بأن المعالم الأساسية لبناء المجتمع العبراني (واليهودي فيما بعد) قد تحددت في هذه الفترة، كما ظل المجتمع محتفظاً ببنيته الأساسية إلى أن اختفى في القرون الميلادية الأولى، وقد كانت بنية ثلاثية تتكون أساساً مما يلي:
١ ـ الملك أو الكاهن الأعظم والنخبة الحاكمة التي كانت تتكون من الأثرياء وكبار الكهنة وكبار ملاك الأراضي وكبار التجار (والتجار الدوليين وملتزمي الضرائب فيما بعد) والأرستقراطية العسكرية التي حل محلها فيما بعد جنود الإمبراطورية الحاكمة: الفرس فالبطالمة ثم السلوقيون والرومان.
٢ ـ صغار التجار وصغار المزراعين وصغار الكهنة.
٣ ـ الفلاحون المعدمون والعمال الموسميون والعبيد والجماعات الهامشية المختلفة.
ويمكن القول بأن ما يُقال له «الحزب الشعبي» كان يضم الطبقتين الثانية (الوسطى) والثالثة (الدنيا) ، وأن الطبقة الثرية هي الطبقة التي تحولت إلى جماعة وظيفية وسيطة تخدم المصالح الإمبراطورية وتسوس المجتمع العبراني لصالحها.